يسألون: لماذا أحبكم؟!
ما أغربه من سؤال!
أوَتُسألُ الأرضُ عن حبها للجبال؟! وهي التي شمخت من بطنها لتحفظ توازنها في كل الأحوال.
أوََتُسألُ عينُ الماء عن حبها للينبوع؟! وهو الذي أنعش الدنيا بعد أن جرى منها وسال.
وكيف تُسألُ الشجرة عن حبها للغصن؟! وقد حمل ثمارها فانحنى ومال.
كيف لا تحبكم أرضٌ جدباء أظلتها بروقكم؟!
كيف لا يهواكم قلبٌ تجري دماؤه في عروقكم؟!
كم أَفَضْتُ لكم من دِِلاءِ حُبِّي! وكم ابتَهَجَتْ ليَ الدنيا وأنتم بقربي! بنيت حولكم أسوار الرعاية، وانتَصَبْتُ كشجرةٍ تمدكم بالظل والحماية. كنتُ لكم الأب، والأخ، والصديق، كنت اليد التي دَمِيَت وهي تزيل الأشواك من الطريق. أجبر بالآمال خاطري إذا انكسر، وأداوي بالأحلام جرح كبريائي إذا انفجر. أكتم الآهات، وأعالج الزفرات. أجافي مضجعي ولا أنام، وأصنع من عظامي جسورًا لتبلغوا الآمال والأحلام، حتى استنفذت كل طاقتي فلم يعد غير الحطام.
أعلم أنكم ستبادلونني الحب بالحب، وأنكم ستحيطون بي حينما أحتاج للقرب، وأعلم أنكم ستمدون يد العناية إلى شجرة عمري إذا هرِمَتْ، ولن تقطعوا تلك الشجرة أو تحرقوها إذا يبست، بل ستحتفظون بها في حديقة أيامكم شامخةً للذكرى؛ لهذا أحببتكم.
بقلم/ يوسف الشيخي

لهذا أحببتكم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/articles/290118.html


