يشرُف ملوك المملكة العربية السعودية بلقب خادم الحرمين الشريفين , وهذا اللقب حمّل بالتالي الشعب السعودي بكل أطيافه من وزراء وجهات حكومية وخيرية وقطاع خاص ومواطنين مسؤولية خدمة ضيوف بيت الله الرحمن .
ولقد استفادت المملكة العربية السعودية من خبراتها المتراكمة في إدارة الحشود, فأنشئ لذلك معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة الذي اضطلع بالمساهمة في دعم الأبحاث والدراسات المتعلقة بتطوير منظومة الحج والعمرة, والسعي لإقامة المؤتمرات والندوات والمحاضرات المتخصصة, واستثمار المناسبات المحلية والعالمية, وحث الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة للمشاركة في ذلك بفاعلية.
ولقد تمخض عن تلك الخبرات المتراكمة وبدعم سخي من حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومته الرشيدة تجويد الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن, ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
• الحضور الأمني للإشراف على أمن وسلامة تنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة.
• تلطيف أجواء الصيف الحارة وذلك بتركيب أكثر من 500 مروحة بنظام الرذاذ على مساحة تتجاوز 35 ألف متر مربع، ضمن مشروع تظليل وتلطيف الأجواء، بهدف تقليل التعرض لأشعة الشمس وتوفير بيئة مريحة للحجاج.
• قطار المشاعر المقدسة، الذي يعمل على نقل الحجاج بين المشاعر بكفاءة عالية، حيث تبلغ قدرته التشغيلية 72 ألف حاج في الساعة، لكي يسهم ذلك في تسهيل حركة الحجاج وتقليل الزحام خلال أداء المناسك.
• الخدمات الصحية والتي تتمثل في إنشاء مستشفى طوارئ في مشعر منى بسعة 200 سرير، وتدشين 3 مستشفيات ميدانية إضافية بسعة إجمالية تتجاوز 1200 سرير، إلى جانب 71 نقطة طوارئ، 900 سيارة إسعاف، 11 طائرة إخلاء، وأكثر من 7500 مسعف, كما سخرت وزارة الصحة مستشفى الصحة الافتراضي الذي يواصل تقديم خدماته بأعلى جودة لدعم الرعاية الصحية عن بُعد، بما في ذلك تفعيل أجهزة استشعار لمراقبة المرضى المصابين بالأمراض المزمنة، وتقديم الاستشارات الطبية، بما يساهم في رفع كفاءة الاستجابة وتوسيع نطاق الخدمة, هذا إلى جانب الخدمات الصحية التي تقدمها كل من وزارتي الحرس الوطني والقوات المسلحة بوزارة الدفاع.
• خدمات هيئة الهلال الأحمر السعودي المتمثلة في الإسعاف الجوي بـ (11) طائرة مخصصة لنقل الحالات الصحية الحرجة من الحرم المكي والمشاعر المقدسة، عبر (13) مهبطاً إستراتيجياً موزعة بعناية لضمان سرعة الاستجابة الطبية في جميع المواقع، ضمن خطتها التشغيلية لموسم حج 1446هـ , ويشرف على هذه الخدمة أكثر من (120) كادراً مؤهلاً من أطباء وفنيي طب طوارئ، يعملون على مدار الساعة لتقديم الرعاية العاجلة للحجاج، بما ينسجم مع إستراتيجية الهيئة في تحقيق «رحلة مريض نموذجية»، ويدعم مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز جودة الرعاية الصحية المقدمة لضيوف الرحمن.
• لا حج بلا تصريح : رفعت المملكة شعار لا حج بلا تصريح وذلك لضمان سلامة الحجاج, ونجاح انسيابية حركة تنقلهم بين المشاعر في يسر وسهولة, وسنت القوانين لمعاقبة وردع حملات الحج الوهمية , وألزمت الحجاج المصرحين بأهمية حمل طاقة «نسك» وأن كل من لم يحملها لن يُسمح له بدخول الحرم أو المشاعر أو استخدام وسائل النقل، وذلك للمساعدة في ضبط المخالفين.
• وبما أن القطاع غير الربحي شريك أساسي في التنمية فقد اضطلع بدور كبير في خدمة حجاج بيت الله الحرام حيث يشارك المتطوعون تحت مظلات رسمية بجهودهم ووقتهم ومعرفتهم لتقديم الإرشاد والمساندة للحجاج، لما يعزز تجربة الحج ويساهم في نجاحه, إلى جانب تقديم وجبات الطعام الصحية والماء المبرد مجاناً بدعم من المنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان), هذا إلى جانب إمكانية توكيل الحاج للمنصة لأداء نسك الهدي نيابة عنه, عبر توكيل رقمي في يسر وسهولة من مكان إقامته.
والمملكة العربية السعودية لا تكتب في كل موسم حج قصة نجاح جديدة، بل تضيف سطرًا مشرقًا في كتاب التاريخ، تؤكد من خلاله أن خدمة الحاج ليست مجرد مهمة، وليست فقط عبارات وشعارات, إنها شرف، والتزام، وخدمة للدين، وفخر واعتزاز وطني.
وكل هذه الخدمات تتم بإشراف من سمو وزير الداخلية, وبمتابعة من سمو أمير منطقة مكة المكرمة وسمو نائبه, هذا إلى جانب إشراف الجهات المساندة الأخرى كل في مجاله, وتحت إشراف عام من الملك سلمان بن عبد العزيز , وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان يحفظهما الله.
هذا ونسأل الله أن يتقبّل من الحجاج نُسكهم، وأن يعودوا إلى أهليهم سالمين غانمين، وأن يجزي المملكة قيادة وحكومة وشعباً على ما يقدمونه من أعمال خالصة لوجهه الكريم، ومن نجاح إلى آخر في كل موسم حج إن شاء الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو المجلس المحلي بمحافظة القنفذة