كانت الأخبار المفبركة والكاذبة والإشاعات قبل الثورة الإلكترونية الحالية تدور في نطاق ضيق ومحصور، وكانت آثارها محدودة ولا تصل إلا إلى أشخاص قليلين، ولم يكن لها ذلك الأثر البالغ أو التأثير الواسع.
ومع الثورة الإلكترونية وانتشار وسائل الإعلام الحديثة «شبكات التواصل»، أصبحت الأخبار والشائعات تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم، بل أسرع من ذلك بكثير، وتصل إلى الجميع في كل مكان في غمضة عين، وهنا مكمن الخطورة والضرر، لما لها من آثار أمنية وشرعية وطبية واجتماعية.
فكم لاحظنا من مشكلات اجتماعية، وتحولات سلوكية، وبعض الظواهر السلبية التي برزت نتيجة لذلك.
وكذلك انتشرت الفتاوى المخالفة للشرع والدين ووصلت إلى الكثيرين، خاصة فئة الشباب، كما انتشرت النصائح الطبية والوصفات الدوائية والخلطات الشعبية الضارة، وأصبح الباب مفتوحًا على مصراعيه لكل من هبّ ودبّ ليلقي بما لديه، خيرًا كان أم شرًا، نافعًا أم ضارًا، وأصبح المتلقي هو الضحية الأولى لما يرى ويسمع.
ولذلك أصبح الوعي هو صمام الأمان للسلامة من هذه الموجة القوية والشرسة من الإعلام الحديث والثورة التكنولوجية. كما أصبحت حماية المجتمع واجبًا مضاعفًا، خاصة لحماية الأجيال الناشئة، وتضاعفت مسؤولية الجهات الشرعية والأمنية والطبية والتعليمية والاجتماعية أكثر من السابق لمواكبة التطورات السريعة في الإعلام الإلكتروني، وللتخفيف من أضرار هذه الوسائل على المجتمع وحمايته من هذا السيل الجارف من المعلومات، في ظل مشاركة أغلبية الناس سواء في البث أو التلقي.
وأصبحت الحاجة ملحّة لإطلاق حملات توعوية من الجهات المختصة، كل جهة بما يعنيها، للتوعية بخطورة ما يُنشر في شبكات التواصل من سموم تستهدف المجتمع، والتصدي لما يُبث فيها من أكاذيب وإفساد وتضليل.
ولقد أحسنت وزارة الإعلام صنعًا بتصديها لبعض الحسابات، وكذلك فعلت الجهات الأمنية عندما ألقت القبض على من يتجاوز ويثير الفتن، انطلاقًا من المصلحة الوطنية والمجتمعية، وحمايةً للأجيال القادمة.
وهنا نقول إن المسؤولية عظيمة ومشتركة بين الجميع أفرادًا وجهات، وعلى وجه الخصوص وزارتي التعليم والإعلام، ولا شك أن الجميع على قدر المسؤولية وعند حسن الظن.
ولعل طرح هذا الموضوع من خلال هذا المنبر هو من باب التذكير والغيرة على المجتمع والأجيال الناشئة.
حفظ الله بلادنا ومجتمعنا وولاة أمرنا من كل سوء ومكروه.



