تزخر المجتمعات اليوم بالعديد من التطورات والتغيرات التي تكون بمثابة التحديات التي تواجه المؤسسات الأهلية على اختلافها التعليمية منها وغير التعليمية؛ والتي تجعلها تتنافس فيما بينها لتقديم الأفضل وتحقيق الميزة التنافسية عالميًّا ومحليًّا في مختلف الخدمات والمنتجات، وبمختلف الإستراتيجيات المُبتكرة، سواءً ما يتعلق منها بالتسويق للخدمات والمنتجات أم ما يتعلق منها بطريقة تنفيذها، وهنا يأتي دور المؤسسات بأنواعها في التوجه نحو ما يسمى بـ "الذكاء التنافسي" بمفهوميه النظري والتطبيقي، وهو أحد أنواع الذكاءات الذي يسمى أيضًا بـ"ذكاء الشركات"، وهو عبارة عن " قدرة المؤسسة على جمع المعلومات حول المنافسين واتجاهاتهم وبيئة عملهم، وتفسيرها وتحليلها بطريقة منهجية أخلاقية؛ بحيث يتم بناءً عليها اتخاذ القرارات التي تُعطيهم ميزة تنافسية سوقية".
وتكمن أهمية الذكاء التنافسي للمؤسسات في قدرتها على تكوين صورة عامة حول البيئات التنظيمية المنافسة لها، ومتطلبات واحتياجات العملاء والمستهلكين، وأهم التحديات والمخاطر التي واجهتهم أو قد تواجههم، الأمر الذي يُمكِّنها من التفرد والتنوع في تقديم منتجاتها وخدماتها المختلفة بطرق ريادية مبتكرة تميزها عن غيرها من المؤسسات المنافسة لها من جهة، والحذر من التحديَّات المتوقعة قبل حدوثها من جهة ثانية، أو سرعة مواجهتها عند حدوثها من جهة ثالثة.
وبالرُّغُم من أهمية الذكاء التنافسي نظريًّا وتطبيقيًّا؛ إلا أن هناك قلة في التوجه نحوه وتناوله، وعليه فإن من أهم متطلبات تعزيز وفاعلية الذكاء التنافسي في المؤسسات ما يلي:
1-متطلبات إدارية: وتكمن في رغبة إدارات المؤسسات بمختلف مستوياتها "العليا-الوسطى-التنفيذية" في التوجه نحو التغيير والتطوير المستمر، مواكبةً لاحتياجات العصر ومتطلبات المجتمع وأفراده، ورغبتها الدائمة في التجديد، وتشجيعها وتحفيزها للدراسات والبحوث العلمية المتعلقة بمصطلح الذكاء التنافسي، وطموحها المستمر للميزة التنافسية محليًّا وعالميًّا، ومن ثم قدرتها على اتخاذ القرارات الصحيحة، ووضع خطط إستراتيجية فعَّالة تسهم في تسيير الأمور بفاعلية وكفاءة عالية.
2-متطلبات بشرية: وتكمن في استقطاب موارد بشرية ذات قدرة عالية على العطاء المتميز المستمر في مختلف الظروف، وعلى مختلف الأصعدة، تتمتع بمهارات أدائية عالية متميزة، تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها المختلفة.
3-متطلبات مالية: وتتمحور حول تخصيص ميزانية لتوفير مختلف الموارد والإمكانيات المادية والتقنية المختلفة التي تساعد الإدارة والموارد البشرية على تنفيذ الخطط الموضوعة بكفاءة عالية.
وأخيرًا فإنّ مفتاح نجاح المؤسسات هو (الإدارة والقيادة الفعّالة)؛ يبدأ منها، ويستمر بها، وينتهي إليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*دكتوراة الإدارة التربوية والتخطيط-جامعة أم القرى
بقلم: د. رهف بنت فيصل بحه

نحو ذكاء تنافسي فعّال
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/articles/396093.html


