كيف تتبنى المخابرات الغربية جماعات الإسلام السياسي وتدعم أحزابها كبديل لأنظمة الحكم القائمة في المنطقة؟!
ومن ذلك دعم المخابرات البريطانية للبنا في مصر، ودعم المخابرات الفرنسية للخميني في إيران، ومؤخرًا دعم المخابرات الأمريكية والأوروبية للإخوان المسلمين في مصر، ودعم فرنسا لحزب الله في لبنان، بل وأكثر من ذلك فإن هذه الأجهزة متهمة بوضوح بدعم الجماعات الإرهابية من وراء ستار مثل داعش والقاعدة والحشد الشعبي والحوثيين وطالبان وغيرهم.
لماذا هذا الدعم؟!
ألا يخشون مثلاً من هذه الجماعات الراديكالية أن تنقلب ضدهم وأن تستحضر العداء التاريخي بين الشرق (المسلم) والغرب (الكافر)؟!
ألا يرون أنهم يراهنون على الحصان الخاسر دائماً؟!
وهل هذا الرهان مقصود؟!
وللإجابة على هذه الأسئلة يجب أن نعرف ما يلي:
أولاً - أن الإيديولوجيا السائدة في الدول المستهدفة(الدول العربية والإسلامية)هو الدين الإسلامي؛ ولذا يجب استغلال العاطفة الدينية لضمان القاعدة الجماهيرية والبيئة الحاضنة لهذه الجماعات التي تصدِّر نفسها باسم الإسلام.
ثانياً - أن هذه الجماعات لا تملك عوامل القوة الاقتصادية ولا العسكرية مما يضمن ولاءها وحاجتها المستمرة إلى الدعم الغربي لتحقيق أهدافها، وبهذا يمكن السيطرة عليها، كما أن لديها الاستعداد لتقديم العديد من التنازلات في سبيل تحقيق الأهداف لدرجة نقض مبادئها (الإسلامية) التي تروج لها، ومن ذلك التقارب بين النقيضين المذهبيين والعلاقة الوطيدة بين الأخوان المسلمين (السنة) والولي الفقيه (الشيعة) والاعتراف بحقوق المثليين والإجهاض وغيرها.
ثالثاً - أن هذه الجماعات والأحزاب يتم استخدامها من قبل تلك الأجهزة لخلق الصراع الداخلي والحروب بين نظام قائم ونظام طامح للسلطة بهدف إضعاف الدول وتقسيمها وضمان استمرار الصراع واستمرار بسط النفوذ وفرض الهيمنة على دول المنطقة ونهب خيراتها.
رابعاً - تدرك الأجهزة المخابراتية الغربية أن هذه الجماعات مهما أظهرت من التحضر والتمدن وقبول الآخر فإنها تحمل عوامل ضعفها في داخلها باعتبارها جماعات راديكالية متطرفة تتسم بالتصادمية والدموية ولا يمكن أن تتقبل أفكار الآخرين ولا يمكن أن تتقبلها الشعوب ولا يمكن لها فرض سلطتها إلا باستمرار القتل والظلم والجور مثلما يحدث في إيران ومثلما حدث من داعش وطالبان.
خامساً - أن جماعات الإسلام السياسي وإن بدت متصالحة في الظاهر مع بقية الجماعات الإسلامية إلا أنها مختلفة في العمق وهذا عامل آخر لاستمرار النزاع والصراع (الفتنة) بين المسلمين، ولذا حاولت تلك الأجهزة تصدير إيران كزعيمة للجانب الشيعي وجرَّ تركيا لتكون زعيمة للجانب السني لاستمرارية الصراع المذهبي، بعد أن استعادت مصر زمام أمرها من الأخوان، وبعد أن يئست تلك الأجهزة من توريط السعودية التي أظهرت عقلانيتها السياسية ووسطيتها الدينية واستقلاليتها في اتخاذ قرارها وإدراكها لما يراد لها.
سادساً - نعم..أجهزة المخابرات الغربية تراهن على الحصان الخاسر عمدًا، بل وتختاره بعناية طالما أنه يجري في غير ميدانها ويصطدم ببقية الخيول ويعطل مسيرها، وهي تدرك أن هذه الجماعات لا تملك الخبرة السياسية وأنها أضعف من الإضرار بمصالح الغرب وأن قيادها وخطامها بأيديها، وأنها لا تستطيع سوى الإضرار بدولها وشعوبها، وأنها أبعد ما تكون عن بناء حضارة أو قوة، وأنها لا تتقن إلا نبذ المخالف وسحقه وإقصاءه، وأن دوامة الصراع ستكون مستمرة مع تلك الجماعات، وهو المطلوب.
وأخيراً، ومن خلال ما تقدم، نقدِّم جواباً لمن يسأل بخبث دائماً:
لماذا تحرمون هذه الجماعات الإسلامية من الحكم؟!
أليسوا مسلمين؟!
أليس من حقهم حكم بلدانهم مثلهم مثل غيرهم؟!
وهنا تكون الإجابة وبوضوح :أ ن هؤلاء مجرد أدوات وعملاء، لا يصلحون للسياسة ولا يتقنونها، وأنهم يتلبسون بالدين فقط لتحقيق أهدافهم، وأن الشيء الوحيد الذي يتقنونه هو خلق الصراع والقتل والإرهاب.



