ما أجمل الشهرة إذا كانت تسمو بأصحابها! وما أروعها إذا كانت تسهم في بناء القيم، ورعاية، العقول، فيكون ذلك بمثابة أيقونة النمذجة لأنقى سلوك الصفوة من البشر، وأعذب تجارب العرب في كل العصور لانستثني عصرًا أو نذر.
وأنا أتصفح عناوين بعض الروايات الحديثة وقعت عيناي على جملة في غاية الروعة في رواية "باب البحر" للمؤلف عبدالله خليفة
قال فيها "جلست مع الشجر حتى نطق باسمي"، فهذه الجملة استوقفتي كثيراً فهي قصيرة المبنى كبيرة المعنى.
إن تلك الجملة حلقت بي في سماء تراثنا العربي الأصيل فوجدت كثيرا ً من الصفات العليا العربية الأصيلة قد نطقت بأسماء أصحابها من قبل أن يتعلم الإنسان العربي القراءة والكتابة فهي قديمة قدم التاريخ، فإذا ذكرت تلك الصفات العليا ذُكِرت أسماء أصحابها، وإذا ذُكِر أصحابها ذُكرت .
فعظمة الملك تنطق باسم سليمان -عليه السلام -، والكرم ينطق باسم حاتم الطائي، والشجاعة تنطق باسم عنترة بن شداد، والحلم ينطق باسم أحنف بن قيس، والدهاء ينطق باسم عمرو بن العاص، والحكمة تنطق باسم لقمان، والحياء ينطق باسم الفتاة العذراء
والوفاء ينطق باسم الحارث بن عباد، والسموأل والبلاغة والخطابة تنطق باسم قس بن ساعده، وبر الوالدين ينطق باسم العملس
والغنى ينطق باسم قارون، والفصاحة تنطق باسم سحبان بن وائل، والسرعة في العَدْو تنطق باسم الشنفري، وقوة البصر زرقاء اليمامة.
والجامع لكل الأخلاق الحسنة، والذي امتدحه ربه في كتابه العزيز "وإنك لعلى خلق عظيم" ينطق باسم محمد -صلى الله عليه وسلم - .