تقول لوري غوتليب: "أعرف أمرًا يصعب على الكثير فهمه: إن التغيير والخسارة يسيران جنبًا إلى جنب، فلا يسعنا أن نحدث أي تغيير من دون خسارة، يرغب الكثير بالتغيير دون خسارة ولذا يقفون ويرفضون التغيير خوفًا من خسارة أي شيء أو التضحية به"
التغيير مخيف لأنه يخرج الإنسان من دائرة مألوفة إلى منطقة أخرى غريبة، ولا يجرؤ على التغيير إلا من مَلَك الجرأة والشجاعة، لأنه فيه نوع من المخاطرة فليس كل تغيير يأتي بنتائج إيجابية، ولكن بالتأكيد سيعطي الكثير من التجارب والخبرات.
ومما ذُكر في السفر والتجديد "الحركة متعبة لكنها قرينة السعادة، والخمول مريح لكنه قرين المزاج السيء، راقب نفسك، تحرك، لا تبقى في مكانك أكثر من اللازم، الحياة الجميلة بانتظارك" ويقول الإمام الشافعي:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرّج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
وقال أيضًا:
سَافِرْ تَجِدْ عِوَضًا عَمَّنْ تُصَاحِبُهُ
وَانْصَبْ فَإِنَّ لَذِيذَ العَيْشِ فِي النَّصَبِ
إِنِّي رَأَيْتُ وُقُوفَ المَاءِ يُفْسِدُهُ
إِنْ سَالَ طَابَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
فكّر في نفسك كصانع لظروفك، وليس فقط متقبل لها، مسؤول ولست الضحية، لا تلم الآخرين وتجعلهم شماعة لاستسلامك، اقبل المسؤولية في كونك من تكون وما ستكون عليه مستقبلاً، والخيارات التي تأخذها، والنتائج المرادفة لهذه الخيارات، واجعل نفسك المسؤول عن كل ذلك، وغيّر ما تستطيع بكل قوة".
تجد البعض يتذمر فقط من وضع معين أو وظيفة معينة والدنيا مفتوحة له ولكنه يخاف التغيير، ويخاف الطرق الصعبة، ولا يعلم أن الطرُق الصعبة غالبًا تقود إلى نهاية جميلة، والوعي الذاتي والتأمل في الحياة الشخصية كفيل بأن يجعل الإنسان قادرًا على التطوير والتغيير والمخاطرة المحسوبة، يقول ألدوس هكسلي: الثبات على وتيرة واحدة مناف للطبيعة والحياة، الناس الذين لا يتغيرون ولا يتجدون هم الموتى! ويُقال أن التغيير صعب على النفس في البداية فوضوي في المنتصف، رائع وجميل في النهاية! ومما يُذكر في التغيير قصة فتاة سعودية اُبتعثت في عام ١٩٩٧م لدولة أوروبية فلمّا وصلت قلقت من البدايات والغربة والاختلاف فأرسلت رسالة لوالديها الساكنين في قرية ريفية، تشتكي من هذا التغيير فرد والدها على رسالتها برسالة أن تنتبه لنفسها وأن تغلق الباب جيدًا!
قرأت الرسالة..ثم بكت لأن والدها يعتقد أن الأمر بهذه البساطة!
ثم ردت عليه..برسالة كتبت فيها:
والدي الحبيب الأمر ليس بهذه البساطة..
وختمتها بــ:
قَدَرٌ نَعشَقُ الصِّعابَ وَنمَشي
في طريقٍ بِه الشُّجَاعُ يَهَابُ
قرأ الرسالة والدها وبكى وأبكى معه والدتها، الآن هذه المبتعثة بروفيىسورة في جامعة مرموقة..
والشاهد أن على الإنسان ألا يهاب الطريق الصعب لأن الراحة في العبور من هذه الطرق..والوصول للجانب الآخر.
فالبعض يختار الطريق السهل من بداية حياته فيترك الدراسة والوظيفة والسفر والغربة والتطوير ليتفاجأ أنه في طريق صعب وشاق وفي عمر كبير، لا يستطيع أن يعود لإصلاح ما فاته، ولا هو قادر على عيش صعب ومحدود، فمن كانت بدايته محرقة وشاقة كانت أيامه المستقبلية مشرقة ومريحة.
________________
*باحث دكتوراة في التربية