رمزية الأيام الوطنية لدى الدول تتعلق بمناسبات تاريخية مهمة أو إنجازات وطنية تعكس هوية البلد وتفوّقه. ومعظم الدول كان يومها الوطني مرتبطًا باستقلالها عن الاستعمار. وبلدنا المملكة العربية السعودية يفخر المواطنون بأن ترابه لم يتدنّس به المستعمر - ولله الحمد - وإنما تم توحيد شتاته على يد المغفور له الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - وكانت أعظم وحدة وطنية في التاريخ الحديث، قامت على أسس ثابتة هي: القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وجُعِلا منهما دستورًا ومنهاجَ حياة.
إن يوم 23 سبتمبر يوم التوحيد، والذي أصبح يومًا وطنيًا عظيمًا من كل عام ورمزًا للعز والفخر والمحبة واجتماع الكلمة، نستذكر فيه تضحيات الآباء والأجداد، ونفخر بمنجزاتنا، ونعزم كل العزم على مواصلة البناء والعطاء والسمع والطاعة لولاة أمرنا، الذين سطروا تجربة فريدة على مستوى العالم تتمثل في الالتزام بثوابت ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وموروثه الثقافي الأصيل، وفي نفس الوقت تسابق الزمن في التطور والتقدم الحضاري في مختلف المجالات.
المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها التزموا بالمبادئ والقيم النبيلة والعادات الأصيلة التي كانت سجيةً أخلاقيةً متوارثة وجزءًا لا يتجزأ من موروثها الثقافي الذي يعتز ويَفخر به كل مواطن، وزاد الله هذا الوطن وقيادته وشعبه شرفًا بخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، وأبنائه الملوك من بعده، حتى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - تُعَدُّ خدمة الحرمين الشريفين شرفًا عظيمًا وأولوية قصوى للقيادة والشعب معًا، حتى أصبحت اليوم عمارة الحرمين الشريفين ومواسم الحج والعمرة نموذجًا عالميًا في جودة التصميم والتنظيم وإدارة الحشود وتوفير الخدمات بأحدث التقنيات العالمية، بل بتقنيات فريدة صُنعت خصيصًا للحرمين الشريفين وخدماتهما.
وتوالت الجهود في البناء والتطوير في مختلف المجالات، حتى صدرت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بفكر وطموح سمو ولي العهد - حفظه الله - ودعم لا محدود من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، وهنا كان التحول التاريخي؛ فقد أحدثت هذه الرؤية حراكًا تنمويًا غير مسبوق في كافة المجالات، ووجهت الطاقات البشرية ووظفتها، وحلَّقت بطموحات الشعب، وأصبحت مصطلحاتها ومفاهيمها جزءًا من ثقافة الناس ولغتهم المشتركة. إنها رؤية ملهمة تفاعلت معها كل القطاعات الحكومية والخاصة وعملت بكل جد على تحقيق مستهدفاتها، فتحققت الإنجازات العملاقة التي جعلت المملكة العربية السعودية دولة عصرية، تتحدث الأرقام عن إنجازاتها:
1- لأول مرة في تاريخ المملكة تحقق الأنشطة غير النفطية 56% من الناتج المحلي، والذي بلغ 4.5 تريليون ريال.
2- 660 شركة عالمية اختارت المملكة مقرًّا إقليميًا لها، وهو رقم يفوق المستهدف في 2030.
3- توطين الصناعات العسكرية بلغ 19%، في حين كانت سابقًا لا تتجاوز 2%.
4- وبحسب النتائج التي أظهرتها الهيئة العامة للإحصاء، فقد سجّل معدل البطالة بين السعوديين أدنى مستوى تاريخي له، حيث انخفض إلى 6.3% في الربع الأول من عام 2025.
5- تراجعت البطالة بين النساء بأكثر من 11 نقطة مئوية منذ عام 2021، مسجلة 10.5%، وهذا يعكس أعلى درجة وصلت إليها مشاركة المرأة في سوق العمل.
وأخيرًا توجت الجهود بخطوة "الدفاع الاستراتيجي المشترك" التي وقعها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء باكستان، والتي تُعدُّ منجزًا تاريخيًا في ضوء ما يشهده الأمن والسلم الدوليان من مخاطر وتحديات.
إننا أمام دولة عظيمة لها ثقلها العالمي دينيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا وعسكريًّا... وأمام قيادة ملهمة وشعب جبار وعظيم، وعلينا ونحن نحتفي بهذا اليوم العظيم أن نحمد الله على هذه النعم، ونواصل البذل والعطاء، ونُعزّز في نفوس أبنائنا حب الوطن واللحمة الوطنية والالتفاف حول قيادتنا الرشيدة.
وكل عام وبلادنا وقيادتنا وشعبنا في عز وفخر وأمن وأمان.



