العمل الوظيفي، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، مسؤولية وأمانة كبيرة، يلج إليها الكثير من الناس من أجل البحث عن الرزق وتحسين أحوال المعيشة، على أمل بناء أسرة كريمة تكون لبنة من لبنات بناء المجتمع.
ومع مرور الوقت وتحقيق المطالب الأساسية، ينقسم الموظفون إلى ثلاث عينات:
العينة الأولى: الكبار في عقولهم وأخلاقهم، وهم الذين يؤدون أعمالهم بأمانة وإخلاص وعلى الوجه المطلوب، ويسعون في خدمة المجتمع ومساعدة الناس وتسهيل أمورهم، ويحظون بثقة واحترام الجميع، لأن الجزاء من جنس العمل.
أما العينة الثانية: فهم الصغار في عقولهم وأخلاقهم، الذين يدبّ الغرور في نفوسهم، ويتعاملون مع الآخرين بشيء من الحماقات، ولأتفه الأسباب يسعون إلى تعطيل المصالح وتعقيد أمور الناس، وتصور لهم نظراتهم القاصرة أن الوظيفة ملك خاص لهم، فلا يكسبون الخير لأنفسهم، ولا يقدمونه للآخرين.
(وهم قلّة ولله الحمد، لا كثرهم الله في مجتمعنا).
أما العينة الأخيرة: فهم الذين لا يسرّون ولا يضرّون، وهدفهم الأساسي لقمة العيش وحفظ مكانهم الوظيفي، وليس لهم دور في الحياة، ويخرجون من باب الوظيفة كما دخلوه، وليس لهم أثر.
هذه بعض عينات الموظفين، ومن المؤكد أنك، أخي القارئ الكريم، قد تعاملت مع هذه الشرائح.
وفي الواقع، إن النشأة والبيئة لها دور في كل ما ذُكر، والأهم الصفات الشخصية التي يتميز بها الناس عن بعضهم، والتي تظهر جلية في السلوك والتعامل. وهنا يأتي دور الاختيار الأفضل، والحرص على اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، وبالذات في الوظائف القيادية ذات المسؤولية الكبيرة، والمواقع التي لها علاقة مباشرة في التعامل مع الجمهور.
وكلما كانت المسؤولية الملقاة على عاتق الشخص أكبر من قدراته وإمكانياته، كان الفشل والإخفاق مصيره. وعلى خلاف ذلك، إذا كانت إمكانيات الشخص أكبر من المنصب، كان النجاح والإبداع نصيبه.
قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يحبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أن يُتقنَه."
وقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولّي من أمر أمّتي شيئًا فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن ولّي من أمر أمّتي شيئًا فرفقَ بهم، فارفق به."
وقال تعالى: ﴿وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾
وفي كل الأحوال، الله هو المعطي والمانع، المعز والمذل، والتوفيق بيده، ولن يتم شيء إلا بأمره عز وجل.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل



