العطاء وبذل المعروف والتضحيات من أجل الآخرين سواء كان ذلك بالمال أو الوقت أو التضحية بأغلى ما يملك الإنسان كالتبرع بأحد أعضائه من أجل إنقاذ حياة إنسان له به صلة من قريب أو من بعيد، بل في كثير من الأحيان يهدى لشخص لا يعرفه ولا تربطه به علاقة، وتلك الصفات من كريم السجايا وأنقى الأخلاق، لا يعلوها بذل ولا يرقى لها عمل.
ومع هذا كله قد يكون من زرع المعروف أصاب أرضًا قِيعاناً لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً، زرع المعروف في أناس لم يكونوا له أهلًا.
يقول الشاعر:
ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي الذي لاقى مجير.. أم عامر.
سمعت خبرًا يثير الدهشة في إحدى وسائل الإعلام المسموعة، يقول الخبر: إن رجلًا كنديًاحب إحدى الفتيات الجميلات حبًا جمًا، وكان ينوي الارتباط بها، لكن ظروف الفتاة لم تسنح له بمفاتحتها في الموضوع فقد أخبرته بأن أمها مريضة بالفشل الكلوي وتحتاج من يتبرع لها بكلية؛ لينهي معاناتها من الغسيل شبه اليومي. سمع كلامها، ومن حبه لها قرر أن يتبرع لأمها بإحدى كليتيه "من أجل عين تكرم مدينة"، وفعلًا ذهب دون علمها إلى المشفى وأجرى الفحوصات وطابقت، وبالفعل تبرع لها وأنهى معاناتها، واكتفى بكلية واحدة لعيش بها طول حياته، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان وبعد شهر واحد فقط تزوجت من آخر؛ رغم حبه لها وتضحيته بالتنازل عن إحدى كليتيه لأمها. فتبخرت أحلامه وضاعت كليته وقوبل العطاء والتضحية بالنكران..
وما أشبه الليلة بالبارحة، وما أكثر هذه النوعيات، يأخذون ولا يعطون ويسفون في وجوه من يحسن إليهم المل.