هو وثاق بيولوجي الأصل بين الناس، من خلاله يمكن ضمان سلامة وبقاء العلاقات سارية المفعول.
ويمكن أن نقول عنه إنه قابلية الإنسان على إدراك أن تفكيره وتفكير الآخرين يعكس مدى توافق سلوكه وسلوكهم مدفوع بحالة داخلية مثل الأفكار والمشاعر المتدفقة بانسيابية.
إنه لا يقبل العطاء المشروط، فصاحبه يعطي بلا حدود، لا ينتظر الرد، ولا يعاتب على التقصير مهما حصل.
المتصف به يرى كل الوجود جميلًا، فمن تربطه بهم علاقة هم في نظره أجمل ما في الكون، وفي عينه أجمل من القمر، وأزكى من العطور والورود في شتى بقاع الأرض.
إنه التعلق وما أدراك ما التعلق، أعلى درجات الحب وأسمى حالات الغرام، ضمان جودة العلاقات الإنسانية، فهو التأمين لها مدى الحياة، مدفوع الثمن مقدمًا، ثمنه الروح والمال والمشاعر.
ولكن رغم ما ينفرد به من سمات إلا أنه يعد خطرًا على صاحبه ومنصة انطلاقه "المتعلق"، ويكمن ذلك في كونه يسيطر ويستحوذ على حيز يأخذ أكبر ما يمكن من حياته، فهو يعطي بلا مقابل، ويفضل غيره على حساب حياته الشخصية، فصحته، ووقته، وماله، كل ذلك لمن تعلق به حيث يسعى في بناء مستقبل من تعلق به القلب، وإن أدى ذلك إلى هدم مستقبله، يعطيه لقمته وهو جائع، ويسقيه الماء وهو في غاية العطش، ويعطيه نعله وهو يمشي على الأشواك والرمضاء دون أن يشعر بها، يكون له ظلًا يقيه الحرارة، يعطيه كل جديد، ويكتفي بالبالي من الملبس والمتاع يعمل كل شيء له ومن أجله طوعًا لا إكراهًا، وإن يسقيه الماء حميمًا في يوم من الأيام، وقد يجني من العنب الذي زرعه شوكًا.
يقول ميلان كونديرا: "لا تكن سريع التعلق فمعظمهم عابرون".
وصدق الشاعر عندما قال:
وأقبل يمشي فى البساط فما درى ... إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي