الأرضة حشرة من أخطر الحشرات في العالم؛ نظرًا لإلحاقها أضرارًا كبيرة بأثاث البيوت، وذلك لأنها تتغذى على مادة السليلوز التي تعتبر المكون الرئيسي له، ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الحشرة تقوم بعملها في الخفاء، وتعشق السكون، فهي تحفر العديد من الممرات والأنفاق، كطرق سريعة تتحرك عبرها ذاهبة وآيبة وقت القيام بعملها وحين تضع ثيابها من الظهيرة.
هذه الحشرة الصغيرة تقضي على الأخضر واليابس، تجعل الأبواب والنوافذ، وسائر الأثاث كحطام قنبلة ذرية، يرى أثرها دون سابق تحذير، أو حتى صفارة إنذار.
ورغم كل هذه التلفيات التي أحدثتها باستطاعتنا تعويضها، وبالمال تُشْتَرى، وكأن شيئًا لم يكن.
لكن هناك أرضة خطرها يفوق خطر تلك الحشرة بآلاف المرات، بل لا يمكن المقارنة بينهما؛ لأن الأولى تهاجم المتاع، بينما الأخيرة تهاجم الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى، وأمر بالمحافظة على كرامته وعدم المساس بها، وحرمته حيًا وميتًا.
إنها التقنية الحديثة، والأجهزة الرقمية، كالجهاز النقال، والحاسوب، التي يستغل فيها الجانب المظلم، فمن خلالها يمكن تمرير الإساءات بشتى أنواعها وأشكالها من خلال كلمات نابية، أو من خلال نشر صور خاصة أو مشاركة أو محتوى سلبي لشخص ما بقصد تعريضه للسوء، وقذفه، وإحراجه، وإهانته، وقد يكون الباعث لهذا العمل المنحرف، ابتزاز ، أو كراهية، أو حسد، أو تصفية حسابات غير محسوبة.
وإذا كانت حشرة الأرضة تقضي على الأمتعة، فإن سوء استخدام الأجهزة الرقمية يحطم الإنسان ويقضي عليه عاجلًا أم آجلًا.