السعودية العظمى تبدأ مرحلةً جديدة، تواكب فيها تطورات العصر، وتتخذ لها مكانًا متقدِّمًا بين مصاف الدول، أميرٌ شاب، ونجلٌ للقائد الملهم يشْغَل منصب ولاية العهد؛ لِيُطرِّزَ بيدي الشباب كسوةً جديدةً للوطن، تحيكُ خيوطها رؤيةٌ ثاقبةٌ طموحةٌ، انبثقت من خلال فكرٍ فريد، تبدأ معها مرحلةٌ وعهدٌ جديد؛ تطويرٌ، وبناءٌ، وتشييد، غير أن هناك عائقًا قد يقف في طريق تلك الرؤية، واكتمال روعتها وجمالها؛ ألا وهو الفساد المالي والإداري الذي عانت منه البلاد كثيرًا، واستشرى فيها كالسرطان (كما قال سموه)، فأنهك كاهل التقدُّم والرقي.
ولي العهد الشاب الطَّموح يرى بعينيه الخطر المحدق، وبطء عمل هيئة مكافحة الفساد التي أنشئت بأمرٍ ملكي عام ٢٠١١م في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - ولأن المرحلة مرحلة تسارعٍ وتسابق، أطلقها صرخةً مدوِّية: (يهمنا أن نكون في مقدمة الدول في مكافحة الفساد)، وعرض الأمر على قائده وولي أمره فجاء الرد: (المملكة لا تقبل فسادًا على أحد، ولا ترضاه لأحد، ولا تعطي أيًّا كان حصانةً في قضايا فساد)، وعلى الفور تم تكوين لجنةٍ لمكافحة الفساد عام ٢٠١٧م، يترأسها ولي العهد الشاب، ليشرف بنفسه على عملية التنظيف والإصلاح؛ لأن العهد عهد حزمٍ وعزم، ويجب أن يُزال كل ما قد يعيق التشييد، أو يتسبب في السقوط والهدم.
مهندس الرؤية يتابع العمل، والجهودُ قائمةٌ على صعيدين في آنٍ معًا، استصلاحٌ لأرض البناء، وتشييدٌ لجنبات الصَّرْح العملاق، ومع هذه الإنجازات، والعمل غير المسبوق، يرى ولي الأمر والقائد الحكيم، بنظرته الثاقبة، وخبرة السنين التي قضاها في خدمة وطنه وأمته في مناصب عدة، أن الجهود يجب أن تتظافر، والعمل يجب أن يتوحَّد؛ لتأتي النتائج أفضل، وأسرع، فأمر - أطال الله بقاءه - في ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ بضم هيئة الرقابة والتحقيق، والمباحث الإدارية، إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لتصبح هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، تحت مسمَّى (نزاهة)، والتي من مرتكزاتها الأساسية: الحوكمة، والشفافية، والنزاهة، ومكافحة الفساد.
تتابعت الخطوات في تصميمٍ وثبات، وبلغ مجموع متحصلات تسوية مكافحة الفساد خلال السنوات الثلاث الأخيرة ٢٤٧ مليار ريال، وسيستمر العمل عامًا تلو عام، إلى أن يُقضى على سرطان الفساد الإداري والمالي، ويعودَ الوطن بعد انتعاش رئتيه لاستنشاق الهواء النقي، ويسيرَ بخطىً ثابتةٍ نحو التقدُّم، والنهضة، والرقي، في شتى المجالات، ينعم فيه مواطنوه بالأمن، ويتطلَّعون بطمأنينة إلى مستقبلٍ مشرقٍ لهم ولأبنائهم؛ لأنه الوعد الذي قطعه على نفسه مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله، والسُنَّة التي سنَّها لنفسه، ولأبنائه من بعده حينما قال: (سأجعل منكم شعباً عظيماً، وستستمتعون برفاهية هي أكبر كثيراً من تلك التي عرفها أجدادكم).