شهر ديسمبر لعام 2019م يُسجل يومًا من أيامه في تاريخ لن ينساه العالم مرتبطًا بفيروس كورونا، ويوم الحادي عشر من مارس لعام 2020م، دقَّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بإعلانها فيروس كورونا جائحة.
انقسم العالم بين مصدق مستشعر للخطر متخذًا تدابير وقائية متفاوتة، ومصدق غير مبالٍ معتمدًا على تاريخه التقني والصحي والثقافي والمجتمعي، ومشكك في مصداقية الخبر معتمداً نظرية المؤامرة.
انقسم العالم في ترتيب أولوياته بين من يرى المواطن أولًا، ومن يرى الاقتصاد أولًا، ومن يرى السياسة أولًا، وبناءً عليه رُسمت خارطة كورونا العالمية، ووضعت الخطوط العريضة للنتائج المستقبلية، وحاول البعض استدراك ما فات ولكن هيهات أن ينفع الصوت بعد الفوت.
كم تغنى الجميع بأن العالم أصبح قرية صغيرة تحكمها وتسيرها التقنية، وجاء كورونا ليقسم العالم قرى صغيرة مظلمة حزينة معزولة عاجزة، ولأول مرة يحدث التقسيم إجباريًا، ودون تصويت أو تزكية أو اختيار أو طلب موافقة، رغم أنه وفي حدث تاريخي نادر الحدوث أن كل الرافضين موافقين وكل المعترضين مؤيدين.
عجيب أمرك يا كورونا فمن يُتهم بالمؤامرة يَطلب منه المساعدة، ومن نُحبه نرفض أن نصافحه، ومن يملك السلطة يعجز عن اتخاذ القرار، ومن تغنى بحقوق الأنسان وصف شعبه بالقطيع، ومن كُتب على جواز سفره نحرك أسطولًا من أجلك أو نحميك فوق أي ارض وتحت أي سماء أو ندافع عنك حتى أخر جندي أصبحوا يقولون عليكم بطلب المساعدة والحماية ممن حولكم، ومن افتخر بالاتحاد وأن الحدود مجرد خطوط وضع الأسلاك الشائكة والجنود المدججة منعًا لعودة مواطنيهم قبل مواطني الدول الأخرى.
شكرًا يا كورونا، فقد أنصفت وبيَّنت الحقيقة، وشهدت أن وطني الذي دائمًا يرفع شعار المواطن أولًا، يطبقه نهجًا ومنهاجًا، فالسعودي خارج وطنه يُنقل إلى أفضل الفنادق، وتُقدم له أفضل الخدمات، وتُصرف له الإعانات ويصبح السفير وفريق عمله أهله وخدامه، لم تُقطع مكافأتهم ولم تتأخر مصاريفهم بل ووضعت الحلول لبعثاتهم، مليكهم عنهم يسأل، وأميرهم مشغول بهم، الوزير مسئول عنهم، والسفير خادم لهم، والوطن مشتاق لهم.