هناك تساؤل بسيط ظل يراود مخيلتي منذ حادثة قتل اثنين من الارهابيين في حي الياسمين بمدينة الرياض على يد البطل جبران عواجي ألا وهو ماذا لو لم يكن هناك تصوير لهذه الحادثة ولهذا العمل البطولي الذي قام به العواجي دفاعاً عن وطنه ضد هذه الشرذمة المخذولة؟
بكل تأكيد سيكون المشهد مختلفا وربما مغايرا ، وبطبيعة الحال فإن البطل جبران سيظل مغموراً وغير معروف لدى الكثير منا وستصبح العملية مجرد مقتل ارهابيين على يدي رجال الأمن وهم جميعهم أبطال بلا شك، ولكن حضور المشهد التوثيقي والمتمثل في مقطع الفيديو المتداول والذي يظهر فيه البطل جبران العواجي وهو يُجهز على اثنين من الارهابيين بكل شجاعة وبسالة وبحرفية متناهية لهو دليل على سطوة الصورة وقوة تأثيرها على المشاهد ولو كان للجانب التصويري حضور فاعل في الحد الجنوبي لرأينا الكثير والكثير من المقاطع البطولية التي يسطرها أبطالنا على ثرى الجنوب.
لقد أذهلتنا بطولة العواجي وفدائيته عن معرفة الشخص الذي قام بتصوير هذا المشهد البطولي والذي تناقلته وكالات الأنباء وطاف أرجاء العالم بعد رفعه على شبكة الانترنت بدقائق معدودة فيما بقي صاحب المقطع مجهولا ولم يحصل على أية مردود مادي أومعنوي جراء هذه الشهرة الطاغية والمفاجئة التي حظي به مقطعه القصير.
إن السبب في ذلك من وجهة نظري يعود إلى عدم وجود الوعي الكافي بقيمة الصورة وكذلك عدم وجود البيئة المناسبة التي تشجع على الاستفادة من مثل هذه المشاهد النادرة كما هو الحال في الدول المتقدمة حيث تقوم بعض وكالات الانباء المتخصصة بشراء مثل هذه المقاطع والصور بمبالغ عالية في أغلب الأحوال مما شجع الكثير من الناس على المبادرة لاقتناص الفرصة وحرصهم على البحث عن مشهد نادر او لقطة نادرة لتصويرها ومن ثم بيعها على هذه الوكالات.
واعتقد انه لو توفرت لدينا مثل هذه البيئة المشجعة وتواجدت مثل هذه الوكالات المتخصصة لأخذت الصورة لدينا بعداً أخر وهوية أخرى وأصبحت ذات قيمة معنوية ومادية تفوق ماهي عليه الان ، ولأصبح المصور أكثر وعياً ومعرفة بحقوقه الفكرية والمعنوية والمادية بدلا من حالة الارتجالية والعشوائية التي نراها اليوم من قِبل الكثير من المصورين مما أضاع كل جهودهم بحيث أصبح هذا الجهد متاحاً للجميع وبلا أي مقابل معنوي أو مادي وكل ذلك يتم بيد المصور نفسه ليصل عمله إلى أقصى درجات الشهرة وليبقى هو مجهولاً وغير معروف.
المقالات > سطوة الصورة وغياب الحقوق
حسن الشمراني

سطوة الصورة وغياب الحقوق
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/articles/17547.html


