تنعقد القمة العربية المقبلة في تونس، والأمل يحدو الجميع أن تنجح في تنقية الأجواء ورأب الصدع بين الدول العربية المتشرذمة، وتبعدها عن التبعية لبعض أنظمة الشر والاستغلال، خاصة بعد أن هدأت العاصفة المفتعلة ضد ولي العهد السعودي الذي برأته حقائق دلَّت على أن الأمر لا يعدو أن يكون تهمة مفبركة من قوى خارجية ابتزازية ترمي إلى زعزة الاستقرار، وتعطيل البرنامج الطموح لولى العهد الرامي إلى تمكين المملكة من تأثير واسع في المنطقة، وجلب الخوف لبعض الأنظمة كتركيا الحالمة بالزعامة وإسرائيل المتعللة دومًا بضمان أمنها وخوفها من دول عربية كالسعودية، يمكن أن يقلب كل الموازين ضدها.
وهذه التخمينات يجب أن تصبح حقيقة لأنه آن الأوان أن يتيقن العرب أن الوقت قد حان لصد المتسللين إلى صفوفهم مثلما فعلت إيران التي تعمل جاهدة على تحقيق المد الشيعي، فقسَّمت لبنان، وبعثرت الأوراق في سوريا، وامتد طمعها إلى الصحراء الغربية في شمال إفريقيا.
وما الانقسام الحالي بين قطر وجيرانها إلا نتيجة لتغلغل الملالي، ونفاقهم السياسي الذي استمالوا به القادة القطريين، لإبعادهم عن الحضن الخليجي، الذي يعد امتدادهم الاستراتيجي والطبيعي.
والمطلوب من قمة تونس الضغط بكل قواها لتغيير وضع عالم عربي متحرك ومنقسم، تسعى قوى الشر إلى إضعافه للتفرد بقدراته وخيراته، علاوة على تهميش كوادره الوطنية، وتهجيرها من مواطنها الأصلية لاستغلال كفاءاتها لمصالحها.
ننتظر الكثير من قمة تونس ومن قادتها المعروفين بالرصانة والحنكة السياسية، كملك السعودية الحائز على احترام واسع بإجماع جُل قادة العالم لمقدرته السياسية ومبادراته التوفيقية بين بعض الأنظمة الإفريقية بمساهمة ولي العهد الذي أصبح له موطئ قدم ناجح في السياسة داخليًا وخارجيًا، بفضل تأييد واسع من المجتمع السعودي المتمسك بمبادئه الإسلامية والأخلاقية الأصيلة، وأمير دولة الكويت السياسي المحنك وكذلك الرئيس التونسي السياسي والدبلوماسي القدير الذي يسعى لإصلاح ما أفسده سلفه بسياسة خارجية ارتجالية غير محسوبة العواقب.
يجب على قمة تونس أن تعيد الحرارة بين الجارتين الجزائر والمغرب، وأن تذيب الجليد بين قطر و جيرانها وتقنعها بأنه لا مناص و لا خلاص إلا بالعودة إلى الحضن الخليجي العربي، فما العلاقة الحالية مع تركيا و إيران إلا مصلحة عابرة نتائجها سلبية على القطريين أنفسهم إن عاجلًا أو آجلًا، لأن هدفها الحقيقي ابتزاز وإضعاف الصف العربي وهذا ما نلاحظه من خلال الحملات المسعورة المتبادلة بين وسائل الإعلام المختلفة خاصة المأجورة منها، فعلى القادة العرب إقامة هيكل إعلامي موحد، له دور رقابي يهدف إلى توجيه تلك الأبواق والقنوات إلى البناء ونشر ثقافة الوئام، وإصلاح الشروخ عوضًا عن بث الفتنة للتسلل داخل الجسم العربي لإعاقته وصده عن تكوين قوة عربية إقليمية فاعلة.
يجب على قمة تونس أن تسعى للتوفيق و المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين، وفضح نوايا الملالي والقوى الظلامية التي تتمنى تأبيد الانقسام الفلسطيني خدمة لإسرائيل وللصهيونية العالمية، ولأعداء العروبة والإسلام.
فهل تكون قمة تونس امتدادًا لقمة الظهران، وإسدال الستار على عقود من التشرذم، وفتح صفحة جديدة من المصالحة والوحدة والتكامل العربي المنشود؟!