سألت الدار تخبرني عن الأحباب ما فعلوا
فقالت: قد أناخ القوم أيامًا وقد رحلوا
فقلت: فأين أطلبهم وأي منازل نزلوا؟
فقالت: بالقبور وقد لقوا الله ما فعلوا
ما زلنا نبحث بين منارات الجوامع عن ذلك الصوت الذي اخترق قلوبنا ومسامعنا واحتل جزءًا من حياتنا، لكي نلهم أنفسنا بأنه ما زال على قيد الحياة، ليس اعتراضًا على قدر الله، فالمؤمن يوقن بأن قضاء الله عز وجل كله خير، ولكن لما لهذا الرجل من مكانة داخل قلوبنا، فلا توجد قسوة أكثر من أن نسمع خبر وفاة من نحبهم.
نعم... رحل الرجل المحبوب، رحل المؤذن العم موسى بن محمد وترك ألمًا لا يمحى مع الزمن، فارق الحياة ولكن روحه تسكن أرجاءنا وكل جوارحنا، لأنه كان يمتلك الطيبة والأخلاق، كان الأخ والصديق للجميع، كان البشوش المبتسم. كنا ندعو الله بأن يعود لذلك الطريق الذي يراقب أطياف الحنين كل ليلة بحثًا عنه، ولكنه قدر الله. ترك فينا إحساس الاشتياق، ولن يغيب عن مخيلتنا مهما طال بنا العمر.
سيطل علينا شهر رمضان بأيامه ولياليه دون وجوده وبمشاعر مختلفة هذا العام، شعور الفقد والألم. وستجتمع العائلة على مائدة الإفطار ينتظرون سماع صوته، إلا أن ذلك سيظل مستحيلًا بل ضربًا من ضروب الجنون، فصاحب الصوت تحت الأرض مدفون، وقد ترك فينا فراغًا كبيرًا. ونحن على يقين بأن صوته عبر مكبرات الصوت أصبح جزءًا من الماضي ولن يعود، ولكن ستكون له دعوة مستجابة بإذن الله على كل مائدة إفطار طوال أيام الشهر الفضيل من الصغير والكبير، الرجل والمرأة.
اللهم اغفر لعبدك موسى بن محمد الكثيري، وارفع منزلته عندك، وأحسن ضيافته يا كريم، وأجبر مصابنا جميعًا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.



