الإنسان اجتماعي بطبعه، لا يحبذ أن يعيش وحيدًا، ففي صغره يلعب ويلهو مع أقرانه، فيقضي معظم وقته مع أولاد حارته تجمعهم المحبة وتحفهم براءة الطفولة، فيكبر ويكبرون، ويتخير أصحابه، ويتخيرون، فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
ومع هذا كله ستكون هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر، وهذه سنة الحياة لا تبقى على وتيرة واحدة، تؤثر وتتأثر بالمواقف والأحداث الطارئة.
وتلك المواقف والأحداث الصادمة والمفاجئة بقصد أو بحسن نية، أو أضرمت نارها غيبة أو نميمة، لا شك أنها ستحدث هزة قوية في العلاقات الإنسانية فتتصدع ويكون مآلها الانهيار إن لم تعالج بميزان الحكمة في وقتها.
فلو سلك الواحد منا سبل العتاب واللوم وتضخيم الأمور والمحاسبة في كل صغيرة وكبيرة تجاه أخطاء وتجاوزات وهفوات أصدقائه وزملائه وأصحابه ستحرق كل مراكب المودة والمحبة والإخاء، وفي هذه الحالة سنغرق ونهلك جميعا ونحن لا نشعر.
يقول الدكتور علي الشبيلي في تغريدة له: "لاتحرق مراكبك فلان فعل معك كذا، وآخر صنع معك كذا، وثالث ورابع.. وهكذا ، ماذا ستفعل حينه؟ قيم المواقف، واتخذ قراراتك المناسبة تجاه أصحبها، لكن لا تحرق مركبك معهم فتغرق ويغرقون، أبقِ حبل الود معهم، ولا تظهر العداوة لهم، ولا تخط يمينك ما يجعل الهجران قرارك".
فتلك الشرارة كافية لحرق المراكب وحدوث كارثة الغرق المحتوم -لا قدر الله-.