بين ماضينا التليد وحاضرنا المجيد، يقف الوطن شامخًا كالجبل، يروي للأجيال حكايةَ أمجادٍ صاغها الآباء والأجداد أمجادٌ وُلدت من صبر الصحراء، وارتوت بدماء الأوفياء، حتى أشرقت شمسُ العزِّ فوق سماء الجزيرة، وصارت رايتها رمزًا للعزّة والبقاء، وطنًا تُغنّيه القلوب وتُناجيه الأرواح، وتلتف حوله الألسن بالوفاء.
فيا وطنَ العزِّ والضياء، يا مهدَ التوحيدِ والولاء، يا رايةً خضراءَ في السماء، يا مجداً يزهو عبرَ السّناء… في يومك الخامسِ والتسعين، نهتفُ جميعاً: عزُّنا بطَبعِنا، عزٌّ راسخٌ لا يفنى، وفخرٌ خالدٌ لا يفترى، وعهدٌ لا يُكسرُ ولا يُشترى.
كنتَ صحراءَ موحشةً بالتيهِ والعناء، فإذا بك جنةٌ وارفةٌ بالبناء، كنتَ فرقةً تمزّقُها الخطوبُ والبلاء، فإذا بك وحدةٌ تصونها السماء. وحين نهض المؤسسُ الملك عبدالعزيز – طيّب الله ثراه – بالسيفِ والإيمان، جمع الشتاتَ من كل مكان، وأعلى الكلمةَ فوق كل لسان، فصار الوطنُ حصناً منيعاً، وأضحى التاريخُ له عنوان.
وتتابعَ الملوكُ كالفجرِ بعد الظلام، كلٌّ زاد للبنيانِ ركناً، وللوطنِ مقام، حتى أطلَّ سلمان الحزمِ والعزم، سلمانُ الحكمةِ والهيبةِ والإقدام، فارتفعَ صوتُ الوطنِ في كل محفلٍ، وصار قرارُه مهيباً لا يُضام.
وفي كفِّ وليّ عهده الأمين، محمدِ بن سلمان، وُلدتْ رؤيةٌ تسبقُ الزمان، رؤيةٌ تُحوّلُ المستحيلَ إلى إمكان، وتبني من الأحلامِ صروحاً تلامسُ الجِنان، وتقولُ للعالم أجمع: نحن هنا… وعزُّنا بطَبعِنا، كالنورِ في علياءِ الأكوان.
يا وطني… يا قصيدةً لا تنتهي أوزانُها، ويا أنشودةً لا تخبو ألحانُها، ويا رايةً لا تُنكّسُ ألوانُها… في يومك العظيم نجدد القسم، أن نبقى لك درعاً وسيفاً، ووفاءً وحلماً، وبناءً ورُقياً، إلى أن يرثَ الله الأرضَ ومَن عليها.
وكلنا نقول بلسان الشاعر والأديب محسن بن علي السهيمي:
وَطَنِي.. وَتَمْضِي لِلْعُلَا مُتَجاوِزًا
هَامَ الكَواكِبِ والنُّجُومِ، وَلَا عَلَيْكَْ
أَنْتَ السَّحَابُ تَمَدَّدَتْ أَفْيَاؤُهُ
وَعَلَى الوَرَى وَبْلٌ يَسُحُّ بِمَا لَدَيْكَْ
فَإِلَيْكَ يَا وَطَنِي سَنَابِلُ غَرْسِكُمْ
مَلأىً تُطَوِّقُ بِالمَحَبَّةِ مِعْصَمَيْكَْ
وَإِلَيْكَ عَهْدُ وَلائِنَا وَوَفَائِنَا
شَهْدًا تَحَدَّرَ فَاسْتَقَرَّ بِرَاحَتَيْكَْ
سَنَظَلُّ نَرْفَعُ لِلإِبَاءِ شِعَارَنَا
وَنَظَلُّ فِي لُجَجِ الرَّزِيَّةِ سَاعِدَيْكَْ
وَإِذَا الشُّعُوبُ تَفَاخَرَتْ أَوْطَانَهَا
فَالْفَخْرُ حِينَ أَقَمْتَنَا فِي مُقْلَتَيْكَْ
وفي يوم الوطن المجيد، نهدي التهاني من قلبٍ مُحبٍّ وولاءٍ صادق، إلى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيّده الله بالعزِّ والسداد – وإلى مقام ولي عهده الأمين سيّدي الأمير محمد بن سلمان – حفِظه الله بالتوفيق والرشد والرشاد – تهنئةً يضوع شذاها فخراً، ويتردّد صداها مجداً، ويخطّها الشعب السعودي بمداد الوفاء، ويهتف بها التاريخ في صفحات البقاء. تهنئةً تحمل في طيّاتها دعاءً صادقاً أن يديم الله عزّ الوطن ورفعته.
اللهم احفظ هذا الوطنَ عزيزاً، وأدم عليه أمنَهُ واعتزازَه، وأيّد قادتهُ بنصرِك وتوفيقِك، واجعل رايتهُ خفّاقةً بالعزِّ والنصرِ والتمكين، ما تعاقبَ الليلُ والنهار، وما أشرقتْ شمسٌ في سماءٍ أو أظلّها غمام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رئيس جمعية التنمية الأهلية بالعرضية الشمالية



