أخي العربي الحاقد الحاسد الناقم علينا فقط .. هذه الرسالة موجهة لك .. أما المغتبطون لنا .. الفرحون لفرحنا .. المصفقون لنجاحاتنا .. فلا يشملهم هذا الحديث .. وهم الأكثرية ولله الحمد من أبناء أرومتنا وعروبتنا الشرفاء الميامين.
أخي العربي الحاسد .. نحن نقدر ونحترم كونك عربياً تنتمي لقطرٍ عربي .. وتجمع بيننا وشائج القربى والدم واللغة والدين .. ولم نتخلَّ عنك يوماً في أحلك الظروف .. بل حتى مع اختلاف الأحوال ومواقف القادة وأسمائهم في دولتك ظلَّت السعودية على موقفها منك كشعب .. ولم تتغير مواقفها بتغير السياسة والسياسيين .. والأدلة على ذلك أكثر من أن نحصيها .. ولكن لا بأس من تذكيرك بموقف السعودية مع صدام مثلاً أيام حربه مع إيران ودعمه بالمال والسلاح على مدى 8 أعوام دون انقطاع .. ثم موقفها ضد صدام أثناء تعدِّيه على الكويت لأنها تقف مع الحق دائماً وليس مع الشخص .. وموقفها من عبدالناصر الذي كان يشتمها ليل نهار ويصفها بالرجعية .. عندما وقفت معه في العدوان الثلاثي على مصر 1956 وأعلنت التعبئة العامة لجيشها وتطوع أمراؤها في الجيش المصري ومنهم الملك فهد رحمه الله والملك سلمان وقدمت مساعدة ب 100 مليون دولار في ذلك الزمان الذي كانت تحتاج فيه إلى القرش .. وموقفها من استقلال الجزائر حيث كانت تنفق الأموال الطائلة لشراء السلاح للثوار الجزائريين وقطعت علاقاتها بفرنسا وهي الدولة العظمى آنذاك لأجل ذلك ودخل الملك سعود رحمه الله لقاعة الأمم المتحدة رافعاً العلم الجزائري ومتحدياً كل الدول التي لا تريد الاعتراف باستقلال الجزائر .. أما فلسطين فقد شارك الجيش العربي السعودي بدماء أبنائه في حرب 1948 ولم يتوقف الدعم المادي والسياسي للقضية الفلسطينية حتى اليوم .. وفي اليمن وقفت دائماً وأبداً مع الشعب اليمني .. منذ الإمام يحيى .. ثم الثورة .. ثم الوحدة .. ثم الحكومة الشرعية حتى تاريخه .. وغير ذلك الكثير من المواقف المشرفة مع كافة الدول العربية.
ولتذكيرك بفضل السعودية أيضاً .. فقد فتحت أبوابها لتوظيف أبنائك .. وقدمت لك المساعدات بآلاف الملايين من الدولارات .. ودعمت مواقفك وقضاياك العادلة .. وخسرت لأجل ذلك مادياً ومعنوياً .. بل وعرَّضت مصالحها وكيانها الوجودي للخطر لكي تنصرك وتقف معك .. وهو مبدأ أخوي ثابت لا يتغير .. ولكن لا تتوقع أن تنساق السعودية خلف جماعات وشراذم اختطفت قرارات شعوبها وتاجرت بدمائها .. فذلك محال.
بعد هذه المقدمة .. فإننا نتوقع منك أن تفرح وتفاخر بأي نجاح تحققه السعودية في الداخل والخارج .. وأنها تسعى لأن تكون دولة قوية في هذا العالم .. وفي ذلك قوة لك .. وقد أوضح ذلك سمو ولي العهد السعودي عندما أعلن رؤية المملكة 2030 ودعا الدول العربية للانضمام للقافلة وقال إن أوروبا الجديدة ستكون الشرق الأوسط .. كل هذا ولم نطلب منك العون أو المساعدة .. بل نريد فقط أن ترد لنا بعض الجميل بمشاركتنا فرحتنا وطموحاتنا .. أو الصمت عنا على الأقل .. ولكننا .. ويا للأسف .. وجدنا منك ما لم نكن نتوقعه ولا نتمناه .. وجدنا الجحود والحسد والحقد والعداء والتشكيك والادعاء والافتراء والكذب علينا .. ونحن لم نفعل لك شيئاً سوى أننا أبدينا اهتمامنا ببلدنا وبمصالح بلدنا .. اهتمينا بأبنائنا وتعليمنا وصحتنا ومواردنا واستثمرنا طاقاتنا ووجهنا أموالنا لما يعود علينا بالنفع.
وجدنا منك الحسد على ما حبانا الله من نعمة .. علماً بأننا لم نحسدك يوماً على أنهارك وبساتينك وأرضك الجميلة .. ورأيناك تريد مشاركتنا في أرضنا ونفطنا وخيرات بلادنا وكأنها ملك لك .. ونحن لم نطلب يوماً أن نشاركك في مياهك وزيتونك ونخلك وأعنابك .. بل وسمعنا منك بكل صفاقة وقلة وعي وعلم وأنت تقول إن ما ينفقه الحاج على نفسه من سكن وأكل وشرب وقيمة تذاكر سفر وتنقلات وما يدفعه لدولته من رسوم ولشركات دولته من أموال هي أموال تدخل لبيت المال السعودي وأنك متفضِّل بها علينا .. بينما هي في جيوب دولتك وشركات دولتك وسماسرة دولتك .. وما يدخل للسعودية بشكل مباشر أو غير مباشر لا يكفي لكهرباء ونظافة وصيانة الحرمين الشريفين فقط .. فما بالك بالنفقات الأخرى التي تنفقها السعودية بلا منٍّ ولا أذى لكي تقضي فرضك وأنت آمن مطمئن.
وأسوأ من ذلك .. وجدناك تنقم على السعودية أنها تريد التطور والتقدم لتصبح في مصافِّ الدول القوية .. وتنكر علينا أن نستثمر أموال بلادنا فيما يعود علينا بالنفع .. وكلما أعلنت السعودية عن صفقة أو استثمار صحت ونحت وبكيت وكأننا سرقنا أموالك من جيبك .. ومرة تقول إن بلاد العرب والمسلمين أولى بهذه الأموال .. ومرة تقول إن أمريكا تبتزكم وتحلبكم وتأخذ أموالكم بالقوة وغير ذلك من الموَّالات السخيفة الممجوجة التي لا يقولها إلا مغرض ولا يقتنع بها إلا متخلف .. وهنا أريد أن أوضح .. يا أخي العربي .. أمرين :
الأمر الأول : أن هناك فرقاً شاسعاً بين كلمة ( استثمار ) ويعني إنفاق المال وتلقي العوائد والأرباح على مدى زمني معين .. وبين كلمة ( حلب ) التي تعني ذهاب الأموال وإنفاقها بدون فائدة ولا أرباح .. والفرق بيني وبينك أنني أنفق أموالي لتعود علي بالنفع .. أما أنت فتنفق أموالك في صراعات هوائية وحروب عبثية ضد أبناء بلدك أو لإطفاء فوائد الديون وليس لسدادها .. وهنا يكون الحلب الحقيقي المستمر .. أموال تنفق للقتل والدمار والفتنة في بلدك .. أو لسداد ديون وقروض وفوائد ثم قروض وديون وفوائد .. فإذا بالناتج المحلي كله يتبخر وتبتلعه حفرة الحروب والفتن الهوائية المصطنعة وفوائد الديون .. أما أنا يا صاحبي فإن الدولار الواحد يعود عليَّ بمائة
دولار .. بل بمائتي دولار كما أعلن ذلك وزير المالية السعودي مؤخراً في منتدى دافوس .. وإذا كان يؤلمك أن تستثمر السعودية 600 مليار في أمريكا فإنني أنا كمواطن سعودي أتمنى أن تستثمر السعودية في أمريكا ترليون دولار ومثله في الصين ومثله في روسيا ومثله ومثله ومثله في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والهند والدول الصناعية المنتجة المتطورة لأن ذلك سيعود عليَّ وعلى أبنائي بالنفع والخير والقوة والازدهار .. ويعني أنني سأنقل العلم والتكنولوجيا والصناعات والتقنيات والصناعات الطبية والغذائية والدوائية والنووية وأحدث الأسلحة والطائرات والصواريخ ونظم الاتصال والفضاء والتعدين وغيرها الكثير جداً إلى بلادي حسب ما بشَّرت به رؤية بلادي 2030 وحسب ما أراه بعيني كل يوم من نجاح وإنجاز ومشاريع.
أما الأمر الآخر : عندما تقول إن هذه الأموال الأولى أن تستثمر في البلدان العربية والإسلامية لتعم الفائدة .. فإنني أسألك هنا .. وبمنتهى الموضوعية .. ماذا تنتج يا أخي لكي أشتري منك؟!
ليس لديك إلا الاستثمار في الزراعة أو السياحة .. أم تريد مني أن أدخلك الصف الأول الابتدائي لمحو أمية الصناعة لتتعلم من جديد وتنتج بعد مائة عام؟!
أخي الكريم .. ليكن في علمك .. نحن السعوديين ننفق الآن أموالنا على مراكز الأبحاث الزراعية لنستفيد من آخر التقنيات في الزراعة والإنتاج الحيواني .. وهذا يعني أننا سنزرع صحراءنا بمياهنا المالحة ولا حاجة لأنهارك وأراضيك الزراعية .. هذه حقيقة .. والحقيقة الثانية .. أن السعودية أصبحت الآن أهم وجهة سياحية .. وانظر ماذا يحدث فيها من فعاليات اقتصادية ورياضية وفنية وتكنولوجية وغيرها .. وانظر إلى آلاف الشركات التي فتحت مكاتبها الإقليمية في الرياض .. وهذا ليس لأنها تحب السعودية .. بل لأنها تعلم أن السعودية هي الواجهة الآن لأي نشاط ولكل استثمار .. وهذا معناه أننا سنبني المنتجعات السياحية والفنادق في دولتنا بدلاً من دولتك التي لا يجد فيها السائح إلا المضايقات والابتزاز .. ثم اعلم يا أخي العربي .. أن بعض الدول العربية صادرت استثمارات وأملاك السعوديين فيها مثل سوريا الأسد وصنعاء الحوثي .. وبعضها رفضت أصلاً الاستثمارات السعودية مثل العراق المحكوم بإرادة إيرانية .. وبعضها الدولار الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود مثل مصر وتونس .. وبعضها لا أمان اقتصادي ولا قضاء ينصفك ولا دولة تحميك بسبب الصراعات والنزاعات الحزبية مثل لبنان والسودان وليبيا .. وبعضها من حيث المبدأ يريدك أن تعطيه الأموال مجاناً ليستثمرها مع اليهود في فلسطين المحتلة.
أعود وأقول لك أخي العربي الناقم الحاسد فقط وليس الصديق .. راقب من حفرتك واستمتع بتحليق السعودية نحو العالم الأول .. وإذا زاد بك الألم وزادت بك الحسرة فلا بأس أن تنبح كالكلب خلف القافلة لعل ذلك يخفف من ألمك .. ولن أطالبك بأن تكون فارساً .. لأنك وضيع جبان لا تستطيع اللحاق بالفرسان فتحاول الطعن في ظهورها.
ومع ذلك .. ورغم كل ذلك .. فإنني أدعوك لحضور إكسبو الرياض 2030 وحضور كأس العالم 2034 وحضور دورة كأس آسيا 2027 كما أدعوك لزيارة آمالا ونيوم والقدِّية ومشاريع البحر الأحمر ومدينة ذالاين وأكساجون وتروجينا وسندالة والسودة .. ولكنني أدعوك قبلها أن ترتقي بعلمك وثقافتك وتهذب أخلاقك وتطور من مهاراتك كإنسان قبل أن تأتي إلينا .. لكي لا تبدو كرجل كهف أتى من قمة التخلف إلى قمة الحضارة فتصبح كالأبله الذي لا يعرف التعامل مع التقنيات والريبوتات والذكاء الاصطناعي والحكومة الإلكترونية والأنظمة الحضارية التي يعيش فيها السعوديون حالياً.