من أصعب القرارات في مجتمعنا هو قرار إحالتك إلى التقاعد الوظيفي من جهة عملك فتبدأ بعد ذلك تداعيات هذا القرار التاريخي في حياتك بداية من قبل زملائك السابقين بالعمل في تجهيز حفل تكريم مبسط عبارة عن وجبة عشاء وهدايا درع وشنطة من العربية يتم بعدها مباشرة حذف اسمك من قروب العمل !
وتبدأ بعد ذلك مرحلة الإقصاءات الافتراضية بداية من السوبرماركت بحذف اسمك من دفتر الحساب الشهري وينضم لها مغسلة الملابس والبوفية والحلاق !
ومن ثم تشعر بعملية تسرب طارئ لقائمة أصدقائك حتى تصبح ضيفًا غير مرحبٍ به في الأماكن التي كنت ترتادها سابقًا قبل التقاعد !
تنضم بعدها في خطوة استراتيجية لقروب المتقاعدين وتصبح أهم المواضيع والاهتمامات لديك متابعة حسابات الطب الشعبي وتعبير الأحلام وزواج المسيار!
ينتهي بك المطاف بعد ذلك في محطة تربية المواشي أو مكتب خدمات عامة أو كداد على باب الله !
هكذا هي الصورة النمطية للمتقاعد في مجتمعنا، فهي بداية النهاية للموظف وحكم استباقي بالنهاية الإجبارية ومسح جميع بياناته من ذاكرة الحياة العامة والاهتمام الاجتماعي !
بينما في المجتمعات الغربية المتحضرة الصورة أكثر إيجابية وواقعية فالتقاعد هو بداية لحياة جديدة ونقطة انطلاق لآفاق رحبة ومشاريع مستقبلية !
فالمتقاعد عندهم هو الخبير والمرجع والسفير غير الاعتيادي وغالبية المتقاعدين يصبحون مستشارين في نفس جهة عملهم السابقة بمرتبات مجزية ومميزات مادية ومعنوية كبيرة تحفظ لهم قيمتهم ومكانتهم ومسيرتهم الحافلة بالنجاحات والإنجازات !
وتجدهم دائما مدعوون وبالصفوف الأمامية في المناسبات العامة والاجتماعات والزيارات فالمجتمع احتضنهم ووضعهم في المكان الذي يعطي لهم مقامهم التي يستحقونه !
بينما لا يزال مجتمعاتنا تمارس التنكر والخذلان والجحود لهذا المتقاعد الذي خدم سنوات طويلة وانتهى به المطاف فأصبح نسيا منسيا وأثرًا بعد عين !
فعندما يقترب موعد تقاعدك جهز نفسك لهذه التداعيات حتى لا تنصدم وتصاب بالإحباط واحذر من الجنة الكاذبة.