يتغير العالم من حولنا بشكل ملحوظ لم يسبق له مثيل؛ وذلك بسبب التطورات السريعة والمتلاحقة في ميادين ومجالات مختلفة كالتكنولوجية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وفي ظل التغييرات التي أحدثتها العولمة والتحول إلى مجتمع المعرفة والتنافسية العالمية؛ سيشهد المستقبل تنافسًا قويًا على رأس المال الفكري، إذ يُعَدّ العنصر البشري محور الارتكاز وأساس التطوير.
ومن الملاحظ أن هناك عدد من التحديات التي تواجهها نظم التعليم؛ للتكيف مع متغيرات العصر، كما أن مواجهة تلك التحديات المتلاحقة والتطلعات المتزايدة والملحة يحتاج إلى إحداث تغيرات جوهرية في التعليم، وقد أصبح التركيز على نوعية وجودة العملية التعليمية أمرًا ضروريًا وذلك بتحقيق التطور اللازم في المناهج؛ لتواكب المستجدات والتطورات الحالية والمستقبلية.
وتُعَد عملية استشراف مستقبل التعليم من أهم أساليب تطوير المناهج التعليمية في ظل هذه المتغيرات المتسارعة والتحديات المتنامية، حيث يعتمد الاستشراف على استخدام بعض الاستراتيجيات التي تُبنى على الماضي وتستحضر الحاضر وتستشرف المستقبل؛ بغية إيجاد حلول عملية لعدد من القضايا المعاصرة في التعليم، كما يمكننا من خلال ذلك أن نتوقع العديد من المخاطر والفرص التي تواجهنا في المستقبل.
كما إن رؤية المملكة 2030 التعليمية تسعى إلى إكساب المتعلم الاعتزاز بدينه الإسلامي وهويته الوطنية، وكذلك يعول على المناهج تحقيق الفهم العميق للمعرفة، وآليات إنتاجها، ومهارات توظيفها، بشكل يساعد على بناء الشخصية المتكاملة للمتعلم، والعمل على أن يكتسب مهارات القرن الحادي والعشرين ومنها : مهارات التفكير الناقد، مهارات التفكير الإبداعي، مهارات التفكير ما وراء المعرفي "التفكير في التفكير" ، مهارات الطلاقة الرقمية، مهارات التعلم الذاتي، ومهارات البحث والاستقصاء؛ والقدرة على الابتكار ، والمهارات الصلبة مثل علوم الطب والهندسة والبرمجيات والفضاء والاقتصاد. بالإضافة إلى المهارات الناعمة مثل القيادة والتخطيط واتخاذ القرارات وحل المشكلات والمهارات الإعلامية والتفاوض والإقناع ، والقدرة على الربط بين هذه المهارات والمعارف والمفاهيم النظرية وتطبيقاتها العملية، وإعداده بشكل مناسب في الحاضر والمستقبل؛ ليقوم بدوره بشكل فعال وإيجابي، ما يجعله قادراً على اتخاذ القرارات الصحيحة، من خلال التعلم بالممارسة والتعلم مدى الحياة، وتدريبه على أنماط التفكير العلمي بمستوياته، والقدرة على أن يكون قيمه مضافة للمجتمع وليس فردًا جديدًا من المتعلمين الذين لا يملكون المهارات المناسبة لسوق العمل المتجدد والمتغير، وهذا ما أشارت إليه بعض نظريات المنهج ومنها النظرية البرجماتية والنظرية البوليتكنيكية.
وفي سياق متصل أكدت برامج إعداد المعلم على تحقيق مضامين رؤية المملكة العربية السعودية 2030، حيث تسعى إلى تدريب المعلمين على مهارات البحث العلمي التربوي وفق مناهجه المختلفة، والسعي إلى تطوير مهاراتهم وممارساتهم التدريسية في ضوء الاتجاهات الحديثة، والحرص على إشراكهم في تخطيط وبناء المناهج، ووضع معايير تقويمها وتطويرها؛ وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من أهداف المنهج، بما يتفق مع فلسفة النظرية الجوهرية.
ومـن هـذا المنطلق تتضح أهمية التفكير في المستقبل واستشراف آفاقه، والوقوف عـلى الرؤية الاستشرافية المناسبة لتطوير المنهج، وضرورة أن يكـون خبراء ومصممي المناهج التعليمية عـلى دراية بالمكان الذي يريدون أن تتجـه إليه مناهجهم قبـل البدء في وضـع الخطـط، وضرورة إعادة النظر في البنية الفكرية لعقول المتعلمين، وذلك باستخدام مجموعة من السيناريوهات المستقبلية تستند إلى التطورات التكنولوجية، بما يضمن تحقيق الجودة النوعية لمناهج التعليم.
ومن هنا تأتي أهميـة الإجابة على مثـل هذه التساؤلات:
هل المناهج التعليمية التي حققت نجاحها في العصر الحالي سوف تحقق نجاحها في المستقبل؟
وما السيناريوهات المتوقعة لمستقبل مناهج التعليم؟ وهنا يتحتم على صانعي القرارات التعليمية أن ينشؤوا مراكز بحثية استشرافية يمكن من خلالها التعرف على الاتجاهات الحديثة للعملية التعليمية وبالتالي تضمينها في المنهج التعليمي سواء للمتعلم أو المعلم أو المدرسة بشكل أوسع.
ومن الجدير بالذكر أننا لا نستطيع معرفة كل ما سوف يحدث في المستقبل، ولكن تطوير المهارات الاستشرافية، وإقرارها كنمط تفكير وأسلوب حياة، والسعي إلى تعميق إدراكنا للمستقبل في العالم الذي نعيش فيه، سيمكننا من إحداث التغير الإيجابي، واكتشاف الجوانب المستقبلية، واتخاذ القرارات التطويرية، والقدرة على تجنب المخاطر التي ينبغي أن نتأهب لها بشكل استباقي واستثمار كافة الفرص، وبالتأكيد سنجني ثمار النجاح في الوصول إلى أفضل مستقبل ممكن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باحثة دكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط بجامعة أم القرى*
- 23/04/2024 نائب أمير مكة يستقبل عدداً من الأمراء والعلماء والمشائخ ومديري الجهات الحكومية والقطاعات الأمنية بالمنطقة
- 23/04/2024 خادم الحرمين الشريفين يرأس جلسة مجلس الوزراء .. ويصدر عددًا من القرارات
- 17/04/2024 مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم في دورتها الـ 44 تنطلق في شهر صفر القادم
- 16/04/2024 أمير منطقة الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية الاثنين القادم
- 16/04/2024 نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية
- 15/04/2024 سمو وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية أوزبكستان ويوقعان على اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة
المقالات > انتصار الزهراني, رؤية المملكة 2030, مناهج التعليم > استشراف المستقبل لتطوير مناهج التعليم في ضوء رؤية المملكة 2030
*بقلم / انتصار بنت علي سعد الزهراني
استشراف المستقبل لتطوير مناهج التعليم في ضوء رؤية المملكة 2030
23/04/2022 4:43 م
*بقلم / انتصار بنت علي سعد الزهراني
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/articles/301556.html