يتابع الملاحظون باهتمام ما يدور في الساحة الليبية مع مغامرة أردوغان وأطماعه التوسعية ورغبته الملحة في الثروات النفطية والغازية بالقطر الشقيق تحت غطاء استشارات عسكرية وإعادة السيناريو السوري بليبيا التي يمثل تدخله السافر فيها خطرًا على بلدان الجوار، خاصة والحدود التونسية على مرمى حجر من عدة نقاط حساسة كقاعدة "الوطية" التي استرجعتها الميليشيات الليبية مدعومة بالمرتزقة السوريين وبقايا الدواعش، هؤلاء الذين أتى بهم "السلطان العثماني" المزعوم لنشر قيم الانقسام والعداوة بين أبناء الشعب الليبي الواحد بـ "الإغداق " عليهم بشتى أنواع سلاح الفتك والدمار، فتدخله الواضح في حرب قذرة بين أشقاء أنهكهم الانقسام ومخلفات ديكتاتورية القذافي لعقود خلت، إنما هي مساهمة منه في مزيد من الهدم وإشعال فتيل حرب ستكون عواقبها وخيمة على الجميع.
فما الضرر لو فكر الفرقاء الليبيون في الاعتماد على وساطة عربية تهيء لهم مناخا ملائما للتفاوض والتوافق ثم الالتزام بمعاهدة المستفيد الأول منها الشعب الليبي وإعادة اعمار ليبيا بثرواتها الطبيعية أليس ذلك أفضل لهم من "الاستئساد" بمن يبحث عن استثمار هذه التفرقة لزرع الفتنة وسرقة ثروات ليبيا بمزيد من إراقة الدماء وإيجاد مخرج للمرتزقة الذين أتى بهم إلى سوريا من كل حدب وصوب بتواطؤ فاضح مع عدة أحزاب ذات توجه إخواني، داعشي افتضح أمرها وأصبحت محل تنديد من الشعوب المغاربية وبصفة أخص من الشارع التونسي الذي يرى في هذا التدخل التركي خطرًا على أمنه القومي، لذلك رفض مباركة الغنوشي للعدوان التركي باعتباره تجاوز لصلاحياته المتعارضة مع نصوص الدستور التونسي الذي دفع برئيس الدولة إلى اتخاذ موقف واضح حدد من خلاله مسؤولية كل طرف مع العلم أن رئيس النهضة سيخضع إلى مساءلة من أعضاء البرلمان وبطلب من عدة كتل حول تجاوزه لسلطاته اعتمادا على "دبلوماسية برلمانية" لا مكان لها في القوانين والأعراف التونسية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب تونسي