العيد فرحة تجمع أبناء القرية، في مكان ترفرف فيه ملامح الفرحة، ومساحات الطيب والأخوة والتسامح،وممتلئ بروح الإخاء والبشر، و بكل ألوان الود والمحبة التي تبثها النفوس إلى بعضها صغارًا وكبارًا.
وقبل 50 عامًا، كان الأطفال يجتمعون بعد أن يرتدون ملابس العيد، وكل ينظر إلى الآخر مفاخرًا بثوبه الذي ربما أخبره بشرائه قبل أن يلتقيان في يوم الحقاق.. يجتمعون ويطوفون بالبيوت، والحقاق قبل العيد بيوم، وهي فرحة الأطفال بقدوم العيد، وعادة اجتماعية برغم طفوليتها إلا أنها استعداد لفرحة الاجتماع.
كانت العمة موضي تقف عند باب بيتها الطيني، مرحبة بهم لتعطي كل طفل حلاوة العيد، وهي عبارة عن حفنة من السكر او حلاوة حلقوم أو قطعة مظير، يسيرون في الحي من الصباح حتى تحتمي الشمس ثم يعودون إلى بيوتهم بكيس الهدايا وفرحة اللقاء والأصدقاء.
أما يوم العيد.. فكان الجميع يستعد للذهاب إلى مسجد العيد بثياب جميلة، وملابس بيضاء، وهناك اطفال يسيرون بجوار أقرانهم بثياب قديمة وكأن حال أحدهم يقول:
يتيمٌ جفاهُ الأقربون فجسمه .... نحيلٌ وعهدُ الوالدينِ قديمُ.
في الطريق ترى الرجال متجهين إلى المسجد يكبرون ويهللون، بعيدًا عن إزعاج السيارات وملامح الحضارة الجديدة.
ثوب الرجل هو المذولق أو المرودن كما نسميه، وهو ثوب فضفاض أبيض، أكمامه تصل إلى الأرض تسمى ذليقة، أما المرأة فتلبس الدراعة من القطن الأسود المطرز بالحرير في الصدر والأكمام والجنب، وتلبس المسفع بعد أن تحنت بالحناء في اليدين والقدمين، والرشوش والسحون على مفرق الرأس، وتطيبت بالورس وغيره، وبعضهن يلبس الحجول والمعاضد والمرتعشة، وكلها من الفضة البيضاء.
بعد الصلاة يسلم الجميع على من يكون بجواره وخاصة أقاربه، ثم يعودون للاجتماع عند شيخ القبيلة لتناول طعام العيد، والبعض يتجمع لرمي الشارة لإصابة الهدف، وهي عادة تدل على الفروسية والشجاعة وهي من الألعاب القديمة التي اندثرت، ويقيمون العرضات الشعبية، ويتزاور العواني والأقارب، ويتناولون طعام العيد.
أما في المساء فكانت هناك لعبة عظيم سرًا، والكعابة والدنينة، وللنساء المقطار والزقطة والدسيسة وغيرها.
إنه العيد الذي يدل على البساطة والمحبة، وطقوس العيد وعاداته في القرى قديمًا تثري ذاكرة الوطن بمآثر الآباء والأجداد، وبعادات وتقاليد رائعة تبقى زادًا للأجيال الناشئة وإثراءً للتنمية الثقافية والتراثية وتعزيزًا للهوية الوطنية.
أخيرً.. أهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة ووالدي وأخوتي وأبنائي وأصدقائي والشعب السعودي الكريم، بهذه المناسبة السعيدة، وأخص رجال الأمن ورجال الصحة وكل من يقدم خدمة لهذا الوطن المعطاء، ومواطنيه والمقيمين فيه. وكل عام والجميع بخير.
التعليقات 1
1 pings
محمد السبيعي
24/05/2020 في 10:48 م[3] رابط التعليق
مقال رائع حول التراث واعجبني حكاية الحقاق وعمتي موضي