ما زالت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى تونس تلقى تفاعلًا إيجابيًا في الشارع التونسي، وهي موضوع أحاديث المجتمع المدني الذي كان على مستوى الحدث، وعبَّر بتلقائية عن تقديره لهذا القائد العربي الكبير الذي شرَّف تونس بزيارة هامة وتاريخية، دلَّ على ذلك الوفد رفيع المستوى المرافق له، وهو الذي يكن احترامًا وتقديرًا لهذا الشعب وقيادته. فقد كانت تطلعات الطبقات الشعبية على مستوى نتائج هذه الزيارة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في بلادنا 390 مليون دولار في فترة يمر بها اقتصادنا بصعوبات جمة.
وقد أسعد مشروع إقامة مستشفى جامعي بالقيروان ساكني الولاية والمناطق المجاورة، حيث سيقدم لهم ذلك خدمات مميزة، و يوفر عليهم عناء الانتقال إلى تونس العاصمة للتدواي، بالإضافة إلى توفير فرص تشغيلية هائلة للعاطلين عن العمل من شباب المنطقة، هذا بالإضافة إلى ترميم جامع عقبة بن نافع الذي انطلقت منه الفتوحات الإسلامية وبلغت أقاصي أوروبا وهو حاليًا يعتبر وجهة سياحية دينية مفضلة، أما جامع الزيتونة، المنارة العلمية في شمال إفريقيا فقد نال نصيبًا وافرًا هو أيضًا بأن خُصص له مبلغ مالي هام لترميمه.
وقد حرص الملك سلمان على إنشاء مشروعات تنموية عديدة يمولها الصندوق السعودي للتنمية، مع تشجعيه على إبرام اتفاقيات بين رجال أعمال من البلدين الشقيقين لإنجاز مشروعات مشتركة، ومنح تونس قروض ميسرة لإنقاذ اقتصادها المنهك ودعم الاستقرار في البلاد.
وبتوجيه من الملك سلمان شرع مسؤولو البلدين في تشكيل لجان مشتركة تجتمع بصفة دورية لتبادل الخبرات، وتعزيز التعاون في المجالات العلمية والتعليمية و الصحية وغيرها، مع توقيع مذكرات تفاهم من شأنها دعم كل التفاهمات لإنجاح مسار العلاقات الأخوية بين الشعبين، وهو ما يرمي إليه الملك سلمان من هذه الزيارة التي أكدت للتونسيين صدق الرجل ووفاءه لمبادئه العربية الإسلامية التي بدونها يجد أعداؤنا الطريق ممهدًا للتأثير في مجتمعاتنا عن طريق جمعيات مشبوهة، ظاهرها خيري و باطنها تخريبي ظلامي.
فأهمية هذه الزيارة تكمن في التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين والبحث عن سبل تطويرها وتنمتينها في مختلف المجالات في زمن يحتم علينا رص الصفوف لقطع الطريق أمام إيران وتركيا ومنعهما من التسلل إلى منطقة شمال إفريقيا، لإبعاد سيناريو المد الشيعي في اليمن وسوريا ولبنان وغيرهم.