الحرب الروسية الأوكرانية أزعجت عدة أنظمة في العالم وحيرتها وأعادت للسطح عدة شعارات (الأمن الغذائي، الاستعمار الغذائي، الأزمة الغذائية)، وهنا لابد من تثمين الوضع المريح للسعودية التي وجدت نفسها بعيدة عن هذه الشعارات، فالبرغم من مناخها شبه الجاف وضعف تساقط الأمطار وعدم انتظامها ونتيجة للنظرة الاستراتيجية للقيادة السعودية وباعتمادها على كفاءات وطنية عالية التكوين، فقد اعتبرت المملكة منذ زمن أكبر دول العالم إنتاجا للمياه المحلاة من خلال مؤسسة عامة أحدثت للغرض، وهذا ما جعلها بعيدة عن شبح النقص في مادة "القمح" ومشتقاته بفضل الري التكميلي لمساحات شاسعة نجحت في إنتاج هذه المادة الحيوية التي شعر أغلب دول العالم بخطر ندرتها، وهكذا تكون المملكة العربية السعودية بعيدة كل البعد عن الاستعمار الغذائي الذي يكبل عدة شعوب لم تضع قياداتها في الحسبان ما يمكن أن يحدث من انتكاسات.
مرة أخرى تظهر المملكة عبر الأيام أن ملوك آل سعود يمتازون ببعد النظر وبالتخطيط المحكم، فعلاوة على محطات تحلية مياه البحر المتعددة الاستعمالات، فقد وجد المستثمرون السعوديون الدعم الحكومي لاستغلال أراض في دول شقيقة كالسودان، والعودة بمحاصيلها إلى المملكة وهكذا تكون السعودية غير معنية بما يؤرق العالم من نقص الحبوب وعدم إمكانية توريده من الخارج .
وبذلك تكون القيادة السعودية الأكثر ضمانا لأمنها الغذائي واكتفائها الذاتي، فهل تحذو الدول العربية حذو المملكة وتنتهج نفس الاستراتيجية لأجل استقلال غذائي مستدام؟ وهل تكون هذه الحرب حافزا لتكامل وتضامن عربيين من شأنهما استغلال أراض شاسعة مهملة وخصبة لإنتاج مادة الحبوب وما شابهها؟ وللحديث بقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب تونسي