قرأت مقالًا للكاتب يوسف الشيخي بعنوان "رسالة" ويا له من مقال كان في غاية الروعة والإبداع، توشح بأجمل عبارات الوصف، وانتقى كاتبه درر البلاغة والبيان، كل جملة تصلح لأن تكون عنوانًا لمقال جديد فريد من نوعه يزيد حلقات مسلسل "الثرثارون المتفيهقون" الذين في كل واد يتهيون ويقولون ما لا يفعلون، ويتقولون على البشر ما لم يقولون. لا يجيدون فن الحوار، من ناقشهم احتار، أصواتهم تعلو لتخفي عيوبهم، وألسنتهم كالمنشار. أخطاؤهم تتكرر في كل موقف، الحال هو الحال، لم يتغير بمرور الزمن وتقلب الأحوال. في غيهم يسترسلون، كسيل عرم من قرب منه كان في خطر، فآثاره كنار بركان محرقة.
مصاحبة هؤلاء الثرثارين المتغطرسين انتقاص، ومجاراتهم سقوط في هاوية قعرها سحيق الخروج منها صعب والبقاء فيها هلاك في هلاك.
رسالة الكاتب كانت مباشرة وواضحة، وقد أجاد، حينما قال: "لكن إن كانت الأقدار قد جمعتني وإياك على منصَّةٍ واحدة، فأرى أن تستمر في غرورك إن أردت أما أنا فسأبقى صامتًا بإرادتي؛ لأن المناظرة غير ناضرة وستنتهي عما قريب، حينها أكون قد كسبتُ احترام الحضور، وحظيتُ بتصفيقهم الذي أردته أنت، وستكون أنت غارقًا في تمايلك، ورقصك، وغرورك، وأوهامك، إلى أن تجد نفسك وحيدًا على منصات الظهور، دون جمهور؛ لأنَّ ثرثراتك فارغة، خاويةٌ من الفكر والثقافة، وأسلوبك في الطرح عقيمٌ عن صياغة الخطاب، فقيرٌ إلى آداب الحوار". فالرسالة وصلت لهم ولم تنته يا صديقي.