استطاع الريال السعودي الصمود أمام موجة بيع تعرض لها أدت إلى هبوطه في سوق المعاملات الآجلة اليوم (الخميس) مقابل الدولار الأمريكي عقب تصويت مجلسي الشيوخ والنواب لصالح السماح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية.
وسجلت عقود الآجال السنوية المتمثلة في التداولات المجدولة للتنفيذ بعد 12 شهرا للدولار مقابل الريال زيادة 550 نقطة في التداولات المبكرة بعد أن أغلق أمس الأول (الأربعاء) عند 330 نقطة لتصل بذلك إلى أعلى مستوى في ثمانية أسابيع عند 625 نقطة.
هذه التحركات جاءت في ظل ارتباط الريال السعودي بسعر الصرف مع العملة الأمريكية عند 3.75 ريال للدولار في السوق الفورية، غير أن البنوك تلجأ لسوق العقود الآجلة بهدف التحوط عند حدوث مخاطر.
وقال مصرفي يعمل في تداول العملات الخليجية: «على المدى القصير من الممكن أن يكون هناك تقلبات لكن التشريع سيستغرق عقدا من الزمن لكي تكون له نتيجة، لذلك فالأسواق ستهدأ».
وأضاف: التأثير الرئيسي سيتمثل في محاولة إرهاق السعودية بدفع عشرات الملايين من الدولارات على هيئة مصاريف قانونية سنوية في وقت ارتفعت فيه تكلفة التأمين على الدين السعودي لخمس سنوات من مخاطر العجز عن السداد لكن ذلك الارتفاع طفيف جدا إذ وصل إلى 157 نقطة من 152 نقطة.
وبحسب التقارير الأخيرة؛ فإنه لم يطرأ أي تغيير يذكر على سعر الصكوك الدولارية الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء المملوكة للدولة.
وتكهن بعض المحللين بأن العلاقات التجارية والاستثمارية بين السعودية والولايات المتحدة قد تتضرر، خصوصا أن المملكة تملك سندات خزانة أمريكية بقيمة 95.5 مليار دولار وفق أحدث بيانات أمريكية رسمية؛ إلا أنه يعتقد بأنها تملك أصولا أمريكية أخرى وحسابات مصرفية بما لا يقل عن هذه القيمة.
وقال مصرفي خليجي: «من وجهة نظر وزارة الخارجية السعودية ستكون هناك مراجعة لسياسة الاستثمار، الأمر الذي قد يؤدي إلى اتخاذ مسار مختلف قد يشمل التنويع بعيدا عن أدوات الخزانة الأمريكية»، واستند المصرفي على جملته من خلال ما ذكره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عندما أوضح أن القانون الأمريكي المقترح «قد يتسبب في تآكل ثقة المستثمرين» في الولايات المتحدة، لكنه أضاف أن الرياض لا تهدد بسحب أموالها.
وتبيع الرياض ما قيمته مليارات عدة من الدولارات من السندات الأمريكية شهريا لتغطية عجز الموازنة غير أن مصرفيين يعتقدون أنه من غير المرجح زيادة وتيرة البيع نتيجة لتصويت الكونغرس.
ويرجع هذا إلى أن عددا محدودا من الأسواق الأخرى أو العملات توفر مزيج السيولة والأمان لسوق أدوات الخزانة الأمريكية البالغة قيمتها 13 تريليون دولار.
وسعت المملكة بإصرار إلى جذب استثمارات من كبرى الشركات الأمريكية مثل «جنرال إليكتريك» للمساعدة في تنويع موارد اقتصادها بدلا من الاعتماد على النفط وقد تضر أي حرب تجارية أو استثمارية بمساعيها لإصلاح الاقتصاد.
وقال الاقتصادي لدى مركز الخليج للأبحاث في جدة جون سفاكياناكيس «سيواصل السعوديون الاستثمار في سوق الولايات المتحدة».
ويؤكد المحللون أن التأثير على الاقتصاد السعودي أو الموارد المالية للمملكة قد يكون محدودا إذا حدث هذا، مشيرين إلى أن التهديد القضائي سيجعل الرياض تمتنع على الأرجح عن اختيار نيويورك لإدراج أسهم شركتها النفطية العملاقة «أرامكو» التي من المتوقع طرح أسهمها في وقت قريب من خلال عملية قد تجمع عشرات المليارات من الدولارات.
ورغم أن المسؤولين السعوديين يتفقدون بورصات أجنبية عدة للإدراج، إلا أن أي إجراء قضائي سيستغرق سنوات عدة عبر النظام الأمريكي.
وأكملت السعودية استعداداتها لإصدار أول سندات سيادية دولية الشهر القادم لجمع 10 مليارات دولار أو أكثر، غير أن بعض المصرفيين الخليجيين قالوا «إن الإصدار ربما يتأجل لمنح المستثمرين وقتا لاستيعاب الأنباء».
يشار إلى أن مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين صوتا بأغلبية ساحقة أمس الأول برفض استخدام الرئيس باراك أوباما لحق النقض ضد تشريع يتيح استثناء من قاعدة قانونية للحصانة السيادية في قضايا الإرهاب الواقع على أراض أمريكية من أجل فسح الطريق أمام محاولات الحصول على تعويضات من الحكومة السعودية. وتنفي الرياض الشكوك القائمة منذ وقت طويل بدعمها للخاطفين الذين هاجموا الولايات المتحدة في 2001. وينتمي 15 من 19 شخصا نفذوا هجمات 11 سبتمبر للسعودية.ش
