طني (المملكة العربيّة السعوديّة), مهبط الوحي وأرض الحرمين الشريفين, حباها الله من الخيرات والثروات الشيء الكثير, وكرّمها الله بخدمة حجاج بيته الشريف, وزوار مسجد رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم, فلكل بلاد تاريخٌ وأمجاد, يعتزُ بها أبناؤها ويفخرون, وبحبهم وولائهم لها يتنافسون, لذلك فإن لكل دولة ثقافةٌ وهويّة, تُميّزها عن باقي الدول, فإن تحدثنا عن العَلَم والنشيد الوطني فهما رمزان, ولا نقبل المساس بهما من أي كائنٍ كان, فالعلم السعودي هو راية التوحيد كُتب عليه (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله), وأما النشيد الوطني, ففيه تمجيدٌ لله عز وجل وعبودية وحُسنُ ثناء, وفيه فخرٌ بالهويّة الإسلامية وبجمال الانتماء, وفيه دعوةٌ للطموحِ والنجاحِ والعلياء, وفيه حبٌ للملك وولاءٌ ودُعاء.
هذا النشيد الذي كتب كلماته الشاعر السعودي (إبراهيم خفاجي), وقام بتلحينه الموسيقار السعودي (طارق عبد الحكيم) على آلة البوق ثم قام الموسيقار (سراج عمر) بتوزيع النشيد بالآلات النحاسية العسكرية.
وبدأ هذا النشيد يُعزف رسمياً أثناء افتتاح واختتام البث الإذاعي والتلفزيوني اعتباراً من يوم الجمعة 1 شوال، 1404هـ الموافق29 يونيو، 1984م , بعد ذلك أصبح يُردد في المدارس، وأصبحت البعثات الرياضية والشبابية السعودية تُنشده في المُناسبات الوطنية, والمحافل الدولية.
وفي حين أن بعض الدول تكون كلمات نشيدها الوطني عبارة عن دعوةٍ للقتال وسفك الدماء, كما في النشيد الفرنسي, أو دعوةٌ إلى السلاح والمدافع كما في النشيد البرتغالي, أو يكون النشيد نصفه دعاء وثناء للملكة, ونصفه الآخر تنكيل ودعاء على الأعداء, كما في النشيد البريطاني, وعندما تقارن هذه الأناشيد الوطنية وغيرها مع نشيدنا الوطني الذي جاءت عباراته بالمجد والثناء على خالق السماء سبحانه وتعالى, وتدعو كلماته إلى المجد والعلياء والنجاح, وذلك بالعلم والعمل والكفاح, وتنادي حروفه إلى طاعة ولي الأمر وجمال الولاء, وحُسن الانتماء, تجد أن الفرق شاسع بين مُسالمٍ ومصارع, بين صادقٍ ومُخادع.
ولأجل كل ما ذكرناه أعلاه, لابد أن يأخذ نشيدنا الوطني وضعه في الحياة, وبحكم خبرتي في مجال التعليم, أرى أن أفضل طريقة لغرس قيمة الانتماء والولاء من خلال النشيد الوطني, تتم داخل المدارس, وذلك بأن يتم تفعيله تفعيلاً جاداً صحيحاً, وإن لزم الأمر القيام ببعض المُبادرات المُشجعة, كإقامة مسابقة شهرية لأفضل فصل يؤدي النشيد الوطني بحماس, أو أي فكرة خلاّقة تؤدي نفس النتيجة, وكذلك الحال في الملاعب الرياضة, والاحتفالات الوطنية, وفي الختام لن أقول أنني محايد بل سأكون في قمة التحيز لبلادي, لأن (حب البلاد لا يقبل الحياد) .