حدّد الكاتب والمحلل الاقتصادي عبد الرحمن بن احمد الجبيري خمسة معايير أساسية تضمن ضبط السلوك الاستهلاكي للأسرة وتحقق توازنا معقولاً بين دخل المستهلك وإنفاقه واستعرض في حديثه تقرير الهيئة العامة للإحصاء الذي صدر مؤخرا والمتضمن متوسط انفاق الاسرة السعودية الشهري والذي يؤشر الى وجود توازن في معدل الإنفاق مقارنة بحجم الاسرة حيث جاء السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود كأعلى الاحتياجات من السلع والخدمات في حين حلت الخدمات الشخصية المتنوعة كاحتياج ثاني في معدلات الإنفاق .
واضاف الجبيري ان الأسرة السعودية في المدينة المنورة وصلت الى أعلى معدل للإنفاق الاستهلاكي الشهري بـ15475 ريالاً في حين سجلت منطقة نجران أدنى متوسط للإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة السعودية بـ8400 ریال . وأكد الجبيري بأن المتوسط الشهري ( التقريبي ) للإنفاق الاسري للسلع والخدمات الضرورية لأصحاب الدخول المتوسطة : لا يتجاوز 15700 ريالاً .
وحول إمكانية ضبط توازن الاستهلاك قال الجبيري : علينا اولاً ان نفرق عند الشراء بين الحاجة والرغبة فالحاجة تعني ان لدينا القدرة الشرائية من خلال المتاح من الدخل وهذا امر لابد منه لأن السلع الضرورية خيارا لا يمكن ان نعيش بدونه اما الرغبة في شراء السلع التي نتمنى امتلاكها ولكن لا نملك القوة الشرائية لها لذلك ستبقى رغبة لا تحتاج اليها ما دمت لا تملك قيمتها ، واضاف بأنه بالإمكان في بعض الشرائح الاسرية تحقيق فائض نقدي اذا ما تم ضبط السلوك وهذا يعني انه ايضا بالإمكان توجيهه الى الأوعية الادخارية لكن قبل ذلك على المستهلك ان يبحث جيدا عن تلك القنوات الرسمية وبرامجها الادخارية المتنوعة والابتعاد عن الجهات الوهمية وقنوات الاحتيال محذرا من ان عواقبها وخيمة على الفرد والمجتمع .
وقال الجبيري بأن هناك خمسة معايير أساسية لتحقيق التوازن وتعزز ثقافة الاستهلاكية تتلخص فيما يلي :
اولاً .. الحد من مظاهر البذخ والإسراف والتي تشكل للأسف ثقافة اقتصادية سلبية مقابل الحصول على المظاهر والسمعة ( كما يعتقد البعض ) في حين ان الثقافة الاقتصادية الصحيحة تعني ان نكون منطقيين في توجيه الإنفاق السليم ولابد من التغلب على عقدة ( أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ) وتابع .. للأسف انتشرت كثيرا مثل هذه المظاهر في المجتمع والتفاخر بها في الواقع وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وكأنها سمو للذات ووجاهة في حين ان المستهلك المتوازن يعلم ان مثل هذا الترف غير مبرر .
ثانياً .. التخطيط الأمثل للحياة الاقتصادية الأسرية بوضع الأهداف وطرق التنفيذ والخيارات الاستهلاكية المتنوعة ذلك ان الاستهلاك الرشيد يتطلب معرفة انواع السلع وجودتها وكفاءتها ودراسة مميزاتها وبدائلها المتاحة ومواصفاتها المتاحة بالأدلة والكتيبات في معظم السلع والطريقة المثلى لاستهلاكها ، وهنا تكمن المشكلة حيث يعتمد اغلب المستهلكين على عمليات الشراء المباشر من المحلات التجارية فيذهب مثلا لشراء سلعة او سلعتين ويخرج بكم هائل من السلع التي لا يحتاجها ومن اهم أسباب تعزيز ذلك هي الرغبة وليس الحاجة وايضا طرق عرض المنتجات ووسائل الجذب لها .
ثالثاً .. الاهتمام ببرامج الادخار والاستثمارات الصغيرة وهناك العديد من القنوات الادخارية والاستثمارية المتاحة بمبالغ متفاوتة لذلك يجب ان نكون على اطلاع دائم ومعرفة بها سواء تلك التي تكون متاحة في البنوك التجارية او المؤسسات الموثوقة او برامج اخرى او برامج ريادة الاعمال والاسر المنتجة والعمل عن بعد وجميعها ستساهم في تعزيز الدخل وتوجيهه للادخار.
رابعاً .. التخلص من تبعات بطاقات الائتمان والتي تشكل عبئا على كاهل حاملها باعتبارها قناة جذب لرفع القوة الشرائية بالآجل حيث تُشعر صاحبها ان المتاح بها مغرياً وفائضا عن حاجته ورصيدا متاح له في أي وقت مما يعزز تنفيذ مشترياته من خلالها ولا يعلم بأن ارباحها ورسومها مرتفعة وإذا كانت البطاقات الائتمانية شر لابد منه فيجب قصرها فقط كضمان على الحجوزات وغيرها مع ضرورة البحث عن مصادر إصدارها الأقل تكلفة والأكثر تسهيلاً .
خامساً .. دعم الجهود والقنوات الموجهة لضبط ومراقبة الأسعار وتوسيع قنواتها الرقابية على كافة المحلات التجارية وتطوير مرونة التفاعل بين المستهلك والجهات الرقابية للحد من تصرفات بعض التجار عند رفع الأسعار وان تكون الرقابة شمولية مع منع استيراد السلع الرديئة وذات العمر الافتراضي الأقل .
ونوه الجبيري بتعزيز ثقافة الاستهلاك والتواصل مع وزارة التجارة والاستثمار وحماية المستهلك لخلق المزيد من التفاعل وحل المعوقات في قطاع الاستهلاك
يذكر بأن وزارة التجارة والاستثمار قد خصصت مركزا لبلاغات المستهلك على الرقم 1900 للإبلاغ عن مخالفات او وارتفاعا في الأسعار وكذلك الإبلاغ عن تسويق المنتجات المخالفة .