عُرف أديب العربية الكبير وفيلسوفها والمؤرخ عباس محمود العقاد (ت: ١٩٦٤م) ناثرًا، وقيل إن كتبه زادت على ١٠٠ كتاب تقريبًا، كما هو في «سلسلة العبقريات»، وكتابه «أنا» سيرة ذاتية، و«الديوان في الأدب والنقد»، و«حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، وقصة سماها «سارة» على سبيل المثال، حيث قُررت العبقريات (محمد عليه الصلاة والسلام، والصديق، والفاروق، وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم ـ) علينا أثناء دراستنا في معهد المعلمين كقراءة حرة [١٣٨٨ ـــ ١٣٩٠هـ]، وقليل من الناس يعرف أن العقاد شاعر مقلّ، وله ديوان سماه «يقظة الصباح».
ومن شعره الفصيح (وهو مجافٍ للحداثة في الشعر ويمقتها)، وفي مدح الملك عبد العزيز عام ١٩٤٦م قال، قصيدتان جاءتا في كتابه «مع عاهل الجزيرة العربية»، تُعدّان من عيون الشعر، فالأولى قال فيها:
أسد العرين يخوض غيل الماء *** يا بحر راضك قاهر الصحراء
حياه باديها وحاضرها معًا *** فاغنم تحية يومه الوضاء
يوم من البشرى يردد ذكره *** ركب السفين وجيرة البيداء
عش يا طويل العمر عيشًا معمرًا *** تحيا به أمم من الأحياء
ما خص طالعك الرياض بيمنه *** بل فاض من عمم على الأرجاء
وجاءت قصيدته الثانية على نفس الوزن والقافية، وقال فيها:
داعي العروبة فاز بالإصغاء *** وله استجاب الله خير دعاء
ملكا العروبة في صعيد واحد *** بشرى لأمته بكل رجاء
يا من يرى القمرين يلتقيان في *** فلك ويزدادان حسن ضياء
جمع من اللآلاء خص بفضله *** جمع العروبة مبدع الآلاء
لولا مشيئته وسابق وحيه *** لعلت على التقدير والأنحاء
يا قدوة الأملاك في التقوى *** في الشورى وفي التعمير والإنشاء
إن الذي وكل الشعوب إليكما *** ولاكما فيها عروش ولاء
لو لم تسيرها الأمور إليكما *** سارت بمحض مودة ووفاء
آخاكما الرحم الذي أضفى على *** شعبيكما في الله برد إخاء
إن الكنانة والحجاز كليهما *** شطان من بحر قريب لقاء
شطان في دنيا العقائد واللغى *** لا في البقاع فحسب والأجواء
متجاورين على المدى متعاهدين *** على الهدى في عزة وصفاء
ما جيرة الحرمين حين نعدهم *** في جيرة الهرمين بالغرباء»


