طالما عرفنا التعليم هو عملية إرسال واستقبال بين معلم وطالب، أو مدرب ومتدرب، تعتمد علي التفاعل المباشر بين طرفين إلي أن ظهر مصطلح التعليم عن بعد، والذي حول وطور عملية التعليم المباشر من مجرد التلقين إلي الإبداع وتنمية المهارات وخصوصًا مهارات التواصل، فيجمع استخدام كل الطرق والأشكال الإلكترونية في عملية التعليم والتعلم.
ويعرف التعليم الإلكتروني أو كما يطلق عليه التعليم عن بعد بأنه نظام تفاعلي يقدم للمتعلم عن طريق استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية، وبدأت فكرة التعليم عن بعد بهدف الربح، وذلك في أواخر السبعينيات في أوروبا وأمريكا، وكانت أول جامعة تعتمد التعليم عن بعد هي جامعة شيكاغو في أمريكا، وكانت ترسل الجامعات المواد الدراسية عبر البريد العادي، وظل سير التطور البسيط، ثم انتقل إلي القنوات التليفزيونية من خلال قنوات الكابل المحلية وذلك في الثمانينيات حتى ظهور الإنترنت بقوة في أوائل التسعينيات كوسيلة اتصال مهمة وبديلة للكابل المحلي، واستُبدل البريد العادي بالبريد الإلكتروني مع إمكانية عرض المعلم دروسه من خلال فصول افتراضية تفاعلية تجمع العشرات من الطلبة في جميع أنحاء العالم دون التقيد بالمكان، إلي إن أصبح التعليم عن بعد وسيلة مهمة في العالم توفر فرصة التعليم لطلاب لا يستطيعون الحصول علي التعليم في ظروف تقليدية، فهو يخترق حيز الزمان والمكان، إلى أن ظهر ما يجعله ضرورة حتمية في الوقت الحالي.
وفي ظل ظهور وباء كورونا “كوفيد 19” الذي اجتاز أيضًا الزمان والمكان، أصبحت الفرصة سانحة لظهور العديد من المنصات التعليمية، كما ساعد ذلك علي تطوير المنصات الموجودة بالفعل، لنجد الكثير من المستجدات ظهرت في التعليم عن بعد، لتزويد وتأكيد مميزات التعلم عن بعد مثل الفاعلية، وقلة التكلفة، وكذلك سهولة الحصول علي المقررات والبحث والاطلاع مع المشاركة الطلابية التي من شأنها أن تساعد في تنمية التفكر البصري والتفكر الاستنباطي مع زيادة إمكانية تنمية الاتجاهات الإيجابية التي من شأنها أن تجعل عمليه التعلم عن بعد إيجابية، وهذا في ظل وجود تحديات علي أرض الواقع، مثل: عدم الوصول إلى المنصات في الوقت المحدد بسبب ضعف الشبكات أو عدم تجهيز البنية التحتية، وكذلك عدم المعرفة الجيدة باستخدام تلك المنصات والدخول عليها وهو أمر يحتاج إلى الكثير من التدريب سواء للمعلم أو المتعلم، لذا وجب علينا الانتباه إلى تلك الصعوبات، وتذليلها من خلال إعداد البنية التحتية القوية و التدريب لمستقبل العلم والمعلم، وتلك التنمية هي نقطة الانطلاق نحو نوع جديد من تلقي وقبول العلم بكل أفرعه واتجاهاته.
ويعتبر هذا التوجه والتحول في التعليم ضرورة حتمية لهذا المستقبل ونظرته الجديدة للمستقبل باعتباره هو القناة الأسهل والأعم والأشمل لنقل المعلومات إلى أكبر عدد ممكن في وقت واحد، وبأقل تكلفة تعليمية، لذا يجب أن ننتبه كافة إلى مواكبة تلك النقلة في التعلم، فالتعليم سيتغير وكذلك مستهدفيه، وستتغير المنظومة التعليمية في العالم أجمع وتزداد الحاجة إلى التعليم عن بعد في ظل الظروف الطارئة التي يمر بها العالم. ويجب علينا الأخذ في الاعتبار الاستعداد لمواجه تلك التحديات بالتدريب والتعلم المستمر.
الأسئلة:
– ما رأيك في تجربة التعليم عن بعد؟
– تجربة جميلة ومفيدة تتيح الوصول إلى مراكز التعليم الخاصة عبر الإنترنت دون تكلفة إضافية.
– هل يغني التعليم عن بعد عن التعليم التقليدي؟
– نعم حيث يكون هناك تفاعل عن كثب بين المعلم والطلاب عبر الإنترنت أكثر من الفصول الدراسية العادية.
– هل تتحقق نفس الأهداف التي كان يحققها التعليم التقليدي من خلال التعليم الإلكتروني؟
– نعم بالتأكيد والمهم أنه يصلح لظروف وباء كورونا، فيمكن أن نتعلم دون أن تعرض للموت.
– التعليم الإلكتروني تعليم للأغنياء فقط.. من وجهة نظرك مدي صحة العبارة؟
– ربما لدرجة كبيرة لا يستطيع الفقراء الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، ولكن من خلال دعم الحكومات والمؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني يمكنهم الاستفادة منه.
– ما دور الدولة في نجاح التعليم الإلكتروني؟
– الدولة لها دور كبير في دعم ونجاح التعليم عن بعد فهي المسؤولة عن مد البنية التحتية للإنترنت، وسرعته وتوصيله إلى كل أنحاء الدولة، ووصل الأمر ببعض الدول الأوربية أن جعلته للمواطنين بالمجان.
– هل المعلم مستعد لتعليم الإلكتروني؟
– معظم المعلمين لديهم مهارات كبيرة في حديثة، والفرق بين الماضي والحاضر أن التكنولوجيا الحديثة كانت تستخدم بصورة اختيارية، ولكن مع انتشار جائحة كورونا صارت عملية حتمية، حفاظًا على حياتنا، ومن هنا أصبح حتمًا تدريب المعلمين علي التعليم أون لاين.
– ما دور الأسرة في ضمان تعلم الأبناء؟
– لا شك أن دور الأسرة دور رئيسي فهي عصب التعليم عن بعد، فعليها متابعة تعليم أبنائها، وتوفير سبل التعليم الإلكتروني، وتعليم أبنائهم كل الطرق التي تجعلهم ناجحين، فهو دور مادي في توفير الإنترنت ودور معنوي في تنمية قيم ومهارات التعليم عن بعد، وأخيرًا دور مراقبة الأبناء ومتابعة مخاطر التكنولوجيا.
– ما دور وزارة التعليم في تطوير امتحاناتها ووسائل التقويم؟
– الوزارة بقراراتها يمكنها تنمية المحتوي الإلكتروني وتفعيل كل ما يدعم التعليم عن بعد. وممكن أن تدمر وتجعل التعليم عن بعد سلبيًا وغير فعال.
– من خلال خبرتك هل المستقبل للتعليم عن بعد، أم سيفشل ونعود للتعليم التقليدي؟
– المستقبل للتعليم المعتمد على التكنولوجيا وهو ما يعني ضرورة الاهتمام بهل والتدريب على مهارات استخدام التكنولوجيا.
– هل لديك مقترحات لتطوير التعليم عن بعد؟
– تنمية قيم التعامل مع التكنولوجيا بحرص لتفعيل الإيجابيات ومواجهة السلبيات، وتنمية مهارات الانضباط الذاتي أو الوقت.
وقد استفادت الباحثة من حضورها عبر شبكة زووم Zoom للمؤتمر، فقد حضرت الكاتبة المؤتمر الدولي الرابع لألكاديمية العربية للمبدعين بعنوان: “التعليم عن بعد وقضايا ثقافية متنوعة رهانات الحاضر وتحديات المستقبل”.
وشارك في الإجابة على الأسئلة الدكتور ناصر علي برقي، والدكتورة مروة المغربي، والدكتورة شيماء عطية والدكتور السعيد البنا.


