بدأت تتشكل في تونس بوادر أزمة سياسية اليوم الإثنين، بعد أن أظهرت المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات البرلمانية التي أُجريت أمس الأحد، عدم فوز أي حزب بأغلبية مريحة تتيح له تشكيل حكومة بمفرده، وأن الطريق لتشكيل حكومة جديدة ”سيكون وعرًا“.
ويتعين على الحكومة الجديدة في تونس، أن تعالج على وجه السرعة مشكلات اقتصادية ومالية مزمنة.
فقد أظهرت استطلاعات آراء الناخبين عقب خروجهم من مراكز الاقتراع أمس الأحد، حصول حزب النهضة الإسلامي على أعلى الأصوات لكن بفارق طفيف، بما يعني أنه سيحتاج إلى العديد من الأحزاب الأخرى حتى يتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية.
ومن غير المتوقع ظهور النتائج الرسمية قبل غد الثلاثاء.
ويواجه التونسيون احتمال إجراء مفاوضات مطولة وإمكانية إجراء انتخابات أخرى، إذا لم يتسن الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية.
وأُجريت الانتخابات البرلمانية بين جولتي انتخابات رئاسية يخوض أحد المرشحين المتنافسين فيها جولة الإعادة وهو مُحتجز في اتهامات بالفساد، مما قد يؤدي إلى الطعن على نتيجتها.
وبعد ثماني سنوات على تخليص البلاد من الحكم الاستبدادي، يشعر كثير من التونسيين بخيبة أمل من فشل حكومات ائتلافية متعاقبة في معالجة المشاكل الاقتصادية، كما ينذر رفضهم للأحزاب الكبرى بفترة اضطرابات جديدة.
ويتنافس في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل قيس سعيد، وهو سياسي مستقل، ونبيل القروي، وهو قطب إعلامي محتجز بتهم فساد ينفيها، وإذا خسر الأخير فقد يطعن في النتيجة نظرًا لاحتجازه.
ويترتب على أي شلل سياسي مخاطر جديدة لاقتصاد هش لم يتعاف أبدًا من صدمة ثورة 2011 التي أنهت عقودًا من الاستبداد وفتحت الباب أمام الديمقراطية وفجرت ثورات ”الربيع العربي“.
وتحاول تونس، بتشجيع من صندوق النقد الدولي، كبح جماح الدّين العام الذي يتضخم بينما يسعى الزعماء السياسيون لكسب الناخبين من خلال تشغيلهم في الوظائف الحكومية.
ومع ذلك، تصل معدلات البطالة إلى 15 بالمئة على مستوى البلاد و30 بالمئة في بعض المدن، ولا يزال معدل التضخم مرتفعًا عند 6.8 في المئة، وبدأت السياحة تسترد عافيتها هذا العام فقط بعد هجومين لمتشددين عام 2015 دفعا العديد من الدول لتحذير مواطنيها من زيارة تونس.
وساهمت المعاناة الاقتصادية في مناهضة الناخبين التونسيين لمؤسسات الدولة ومعاقبتهم للأحزاب الكبرى في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي.
وعلى الرغم من أن استطلاعات آراء الناخبين عقب الإدلاء بأصواتهم أمس، تظهر أن حركة النهضة ستحل في المرتبة الأولى فإن نصيبها المتوقع من الأصوات، في حدود 17.5 في المئة، يمثل انخفاضًا حادًا عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2014، عندما حازت الحركة 27.5 من أصوات الناخبين.