أول آية نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولو تأملنا فيها لوجدنا أنها بداية لعصر ذهبي تاريخي جديد في حياة البشرية يُرسخ دُعامته الدين، ألا وهو العلم والمعرفة والنهوض لنفض غبار الجهل، ولا يكتمل ذلك إلا بقائد يركب هذه السفينة فيقودها نحو النور، فهو صاحب مهنة تتمتع بقاسة خاصة، وهو المعلم وإن كانت جميع المهن ذات أهمية كبيرة، إلا أن مهنة المعلم هي أعظم مهنة تقود العالم الى النجاة أو الهلاك.
فالمعلم عندما يقف أمام عشرات الطلاب حاملًا العديد من الأفكار والقيم، فإنه يبثها في عقولهم ويغرسها في نفوسهم فهو الركيزة الأساسية لبناء الحضارات.
المعلم يحتوي الطلاب في مرحلة الطفولة فيكون له دورًا ذا ثقل أكبر في مرحلة المراهقة، ويساعدهم على تخطي العقبات ويصبح ملهمًا لهم في مرحلة الشباب.
المعلم شريك في العملية التربوية مع الأسرة، فهم يسمعون منه، خاصة إذا تعلقوا به فيكون أبًا رحيمًا يعمل على حل مشاكلهم وتوجيههم ووصولهم نحو التوازن النفسي.
المعلم يسعى دائمًا إلى توسيع أفقه وخبراته من خلال الاطلاع على كل جديد، وتبادل الخبرات مع الآخرين والتجارب لمواكبة التطور السريع في عصرنا هذا، وإخضاع البيئة التعليمية والتربوية لتخدم الطلاب.
المعلم مساهم في حل مشكلة البطالة في المجتمع من خلال تدريس القيم النبيلة، وتدريب طلابه على كيفية الكفاية في العيش والاستفادة من موارد الحياة والأرض لتحقيق الكفاية المهنية.
المعلم يظل قدوة بما يتمتع به من أخلاقيات وقيم يسعى لتأصيلها بين طلابه، ويظل نموذجًا يحتذي به الطالب، فكم من طالب كان له مثلًا أعلى في الحياة، معلم ساقه نحو النجاح.
البعض يرى أن المعلم تنحصر وظيفته بين جدران صفه يدخل فيلقي ما في جعبته ويغادر، ينظر إليه بهذا المنظور الضيق والذي يتنافى مع الدورالكبير والرسالة السامية فهو المؤسس الحقيقي لبناء جيل واع قادر على قيادة مسيرة وطنه.
إذا أردت لوطنك المواقع الريادية بين الشعوب، فابدأ بالمعلم وإذا أردت أن تهلك أمة فعليك بالمعلم. فتحية لكل معلم بذل وأعطى من أجل إنارة العقول وبناء الوطن.


