نظم النادي الأدبي الثقافي بالطائف محاضرة أدبية ثقافية للأستاذ الناقد حسين بن محمد بافقيه، مساء أول أمس الثلاثاء، بمقر النادي بالفيصلية تحت عنوان “المؤسسة الثقافية .. من المركاز إلى النادي”، أدارها الأستاذ فهد بن يوسف العيلي.
واستعرض بافقيه نشأة العمل الثقافي في المملكة العربية السعودية، ودور المجتمع الأهلي في المؤسسة الثقافية منذ أن كانت تجمعًا بسيطًا في المركاز والأندية الأهلية، إلى أن أصبح العمل الثقافي يقوم على المؤسسية، كما هو ماثل في الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية حاليًا، ذاكرًا نماذج لعدد كبير من الأسماء الثقافية، ومشيدًا بإصرار المثقفين على أن يكون لهم حضورًا فاعلًا في الساحة الثقافية السعودية.
وتابع بافقيه خلال محاضرته: “المؤسسة الثقافية تحمل في داخلها -شعرنا أم لم نشعر- بفكرة السلطوية لرسم الحدود والمساحات التي يمكن أن يتحرك فيها أي عمل، وهذه هي فكرة المؤسسة ولذلك نجد أكثر ما يضايق المثقفين ويشغلهم هو أن تتحول الثقافة إلى مؤسسة، لأن المؤسسة تحمل في داخلها معنى السلطة والتسلط سواء كانت سلطة لنادٍ أو جمعية أو مؤسسة أو غيرها فالثقافة بطبيعتها متحررة لا تحب القيود، ولا الحدود، والمؤسسة تريد أن ترسم هذه الحدود والقيود وعند ذلك سنتحول الى سلطويين بمجرد أن نكون مسؤولين عن هذا العمل الثقافي أو الاجتماعي أو التربوي”.
وأضاف: “إن التجربة الأدبية والثقافية في المملكة هي تجربة حديثة لكنها ليست بالقصيرة فهي تمتد إلى أكثر من تسعين عامًا، وهى تجربة جديرة بأن نتحدث عنها وأن نوثق طرف من تاريخها، ومع ذلك نحن نشكو ويشتكي المشتغلون بالأدب والثقافة في المملكة من شُح الدراسات التي تؤرخ العمل الثقافي”.
وتابع: “إن فكرة الأدب في الثقافة العربية يرتبط بمعنيين: المعنى الأخلاقي، والمعنى الاجتماعي، ونشأ من ذلك فكرة المجالس الأدبية والأندية الثقافية والمنتديات والصالونات الثقافية وغيرها”، معتبرًا أن مفردة “المركاز” مفردة حجازية غريبة وعجيبة ومن المفردات الشائعة في المملكة وليس لها أساس في اللغة العربية، ومع أنها مفردة عامية إلا أنها هي من رعت في مدة من مدد الثقافة في المملكة الثقافة الفصيحة، وكانت تجمع عددًا من المثقفين والأدباء، وساهمت في نشأة الأدب والثقافة في منطقة الحجاز قبل أن تأتي المؤسسات الثقافية.
كما تطرق بافقيه خلال محاضرته للقهوة والمقاهي وعلاقتها بالثقافة، وارتباطها بالتجمع والتجمهر، والحركة الثقافية والثقافة العربية، مشيرًا في نهاية محاضرته إلى أن المدينة المنورة كانت أكثر عمقًا، وكان العمل المؤسسي فيها أكثر نضجًا من مكة المكرمة، حيث كان بها العديد من المجالس الأدبية والأسر الثقافية، وأنها أنشط من غيرها من المدن في هذا الشأن.
وشهدت المحاضرة العديد من المداخلات من الحضور الكثيف الذي حضر واستمع بإنصات سواء في الصالة الرجالية أو النسائية، وفي نهاية الأمسية قام رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي الأستاذ عطا الله الجعيد بتكريم فارس الأمسية، ومديرها بتقديم عدد من الدروع التذكارية والشهادات التقديرية.





