لعل القارئ والمستمع والمتتبع لواقع الحال في هذه الايام، وهذه المحنة والجائحة التي يمر بها العالم أجمع من تفشي وباء خطير كان سببًا لوفاة كثير من الناس في كثير من الدول، جعل المهتمين والقائمين على المناهج يعيدون نظرهم في كيفية بناء المناهج وتطويرها لتكون مواكبة لكل جديد وحديث في العالم، جاعلًا نصب وظيفتها كيف تحافظ على البشرية وتثقيفها وتجعلها ملمة بكل ما يدور حولها من المخاطر ومن هنا ننادي بضرورة تطوير المناهج ومرونتها وتكيفها مع كل جديد على البيئة المحلية والعالمية والإقليمية مؤمنة بأن العالم أصبح قرية صغيرة يتأثر بعضه ببعض.
وإن المجتمع كأساس من بناء المنهج قد يتعرض للتغيرات وتطورات في شتى مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يجب معه إعادة النظر مرة أخرى في المنهج وتطويره بالشكل الذي يساير للتطور في تلك المجالات ويدعمها طالما أنها تسير في الاتجاه المرغوب فيه، هذا بالإضافة إلى التأكيد على تنمية الوعي لدى المتعلمين بما يدور حولهم من صراع أيديولوجي أو فكري مع الاهتمام بالمواقف التي تنمي التفكير الناقد لدى المتعلمين.
وما كورونا إلا قليل من كثير من الضرورات التي تحتم علينا تطوير مناهجنا مواكبة ما يدور حولنا من التطور والانفجار المعرفي في جميع مجالات الحياة، فما يصلح لليوم ليس بالضرورة أن يكون صالحا للغد والمستقبل القريب قبل البعيد، بل لابد من التطوير والمسايرة الى كل جديد مفيد.
والتطوير صفة أساسية لكل عمل متميز في كل مكان وزمان وتحت كل سماء وفوق كل أرض، ويكون التطوير تدريجيا وذلك لأن التطوير ضرورة إنسانية بعد قناعة تامة بأنه الهدف الأسمى والغاية العظمى للمواكبة والمواءمة والتعايش السليم، وذلك بأننا نعيش الآن في عصر أطلق عليه البعض عصر التقدم العلمي والتكنولوجي، وأطلق عليه البعض الآخر عصر الفضاء أو عصر الذرة، ومن سمات هذا العصر التغير السريع في جميع جوانب الحياة وانصب هذا التغير على التلميذ والبيئية والمجتمع والمعرفة وكلها أسس في بناء المنهج.
—————————-
بقلم: محمد موسى صميلي*
* باحث دكتوراه في فلسفة التربية مناهج وطرق تدريس